نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 181
بأن "المصدر مشتق من الجوهر، كالنبات من النبت، والاستحجار من الحجر"[1]، فجعل المصدر نفسه -وهو أصل الاشتقاق- مأخوذًا من اسم الجوهر، أي: اسم العين, لكن العلماء بصورة عامة إذا ترددوا في تحديد أصل الاشتقاق رجَّحُوا الرد إلى المصدر إن كان أحد الأصول التي شكّوا فيها، ونبهوا على أن "اشتقاق العرب من الجواهر قليل جدًّا، والأكثر من المصدر"[2]؛ ولم يقبلوا الاشتقاق من الجواهر إلّا إذا كان أحد الأصلين جوهرًا والآخر عرضًا لا يصلح للمصدرية، ولا شأنه أن يشتق منه، فإن الرد إلى الجوهر حينئذ أولى[3].
ولو كانت موازنة العلماء -في بحث أصل الاشتقاق- بين الفعل والمصدر، لرأينا عبثًا ضائعًا ما ذهب إليه الكوفيون من أن الفعل هو أصل الاشتقاق[4]، ولما ترددنا قط في أن المصدر أجدر أن يكون هو أصل المشتقات كلها؛ "لأن المصدر -كما يقول الأستاذ الأفغاني بحقٍّ- يدل على حدث، والفعل يدل على حدث وزمن، والأسماء المشتقة تدل على حدث وزمنٍ مع زيادة ثالثة؛ كالدلالة على الفاعل أو المفعول أو التفضيل أو المكان, فهذه الكثرة من المشتقات التي جعلت للغة سعتها، ومرانتها أخذت من المصادر التي هي جميعًا أسماء معانٍ"[5].
ولكن موازنة العلماء -في أصل الاشتقاق- ينبغي أن تكون بين المصادر التي هي أسماء معانٍ، وبين الجواهر التي هي أسماء أعيان, وعلى قلة ما حفل النحاة بالجواهر في هذا الباب، وعلى ضآلة ما وفروا من [1] الخصائص 2/ 432. [2] العلم الحقائق 19. [3] نفسه 18. [4] راجع المسألة الثامنة والعشرين من "الإنصاف في مسائل الخلاف" لابن الأنباري 1/ 144-152 لمعرفة مذهبي الكوفيين والبصريين وحججهم, وردود بعضهم على بعض في مسألة أصل المشتقات. [5] أصول النحو 134.
نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 181