نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 190
ابن جني وابن فارس, ربطوا أيضًا بين دلالات تلك الصور، واستنبطوا معاني عامة مشتركة بينها، وسمي هذا بالاشتقاق الكبير"[1].
وإذا كنا اليوم -في سبيل تأييد هذه الحقيقة- لا نملك من الوثائق العلمية عن معجم "العين" إلّا قيلًا، لا يبل ظمأ ولا يشفي غليلًا[2]، فإن بين أيدينا معجم "الجمهرة" الذي سار فيه ابن دريد على هدي الخليل، واتبعه فيما شاع عنه من تقليب الأصول، وإن كان لابن دريد نظام خاصّ في سرد المواد لا مكان هنا للحديث عنه ولا للخوض فيه.
فمن "الجمهرة" سنلخص أهم ما جاء في مادة "ب ج ر" وتقاليبها، ونقارنها بما ورد في "الخصائص" حول تقليب "ج ب ر", ولن يصعب علينا أن نرى حينئذ أن ابن جني أوضح الرابط المشترك بين التقاليب المستعملة لهذه المادة, بينما اكتفى ابن دريد بعرض تلك التقاليب, وأهمل المعنى الذي اشتركت فيه.
لقد رتَّبَ ابن دريد "تقاليب هذه المادة على هذا النحو: "ج ب ر", "ب ر ج", "ر ج ب", "ج ر ب", "ب ج ر", "ر ب ج"[3], ومن الشواهد التي أتى بها على كل تقليب، يستنبط الباحث أن المادة مستعملة كيفما تقلبت وجوهها، وأنه ليس فيها مهمل أو ممات، إلّا أن شواهد بعض التقاليب أغنى من شواهد بعضها الآخر، كما أن ما تصرَّفت العرب باستعماله منها اسمًا أو فعلًا أو مصدرًا، أو صفةً, تفاوت بين تقليب وتقليب، فليست التقاليب جميعًا متساوية في جريان الاستعمال بها، ولا في كثرة الاشتقاق والتصريف منها. [1] من أسرار اللغة 49 "ط 2". [2] راجع في مجلة المجمع العلمي العربي عام 1941 بحثًا دقيقًا محكمًا للدكتور يوسف العش, حول كتاب العين وأولية المعاجم العربية. [3] جمهرة ابن دريد 1/ 207-209.
نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 190