نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 284
الذلقية مخرجًا، والمذلقة صفة، فالذلقية لا تخرج إلا من ذلق اللسان، أما المذلقة فمنها ما يخرج من ذلق اللسان كراء واللام والنون، ومنها ما يخرج من ذلق الشفة وهي الباء والفاء والميم. ففي صفة الذلاقة شمول وعموم، وفي مخرج الذلاقة تضييق وتحديد. والاتفاق في الاسم لا يوقع في اللبس عند التفرقة بين الصفة والمخرج.
أما "المصمتة" فهي ضد المذلقة، وهي الأحرف الهجائية الباقية ما عدا الستة المذلقة، ويصعب على اللسان النطق بها، فلا تنفرد بنفسها في كلمة مؤلفة من ثلاثة أحرف. وسميت مصمتة لأنها أصمتت -أي منعت- أن تختص ببناء كلمة في لغة العرب إذا كثرت حروفها[1].
ويظن بعض الباحثين المحدثين أن القراء والنحاة العرب خلطوا خلطًا كبيرًا في تحديد المخارج والصفات[2]، ويستشهدون على ذلك بتردد بعض الحروف بين مخرجين أو أكثر، أو بين مخرج وصفة، أو إسقاط بعض الصفات والتفصيل في بعضها. والحق أن هذا الخلط إنما جاء النحاة من شدة أمانتهم وحرصهم على أن ينقلوا الآراء جميعًا، فالنون مثلًا عند بعضهم تسمى ذلقية تارة؛ لأنها تخرج من ذلق اللسان، وخيشومية تارة أخرى؛ إذ ينطق بها في تجويف الفم وهو الخيشوم؛ وكل يراعي ناحية، وكل جدير أن ينقل قوله، ولا يهمل. على أنك لو أخذت بمنهج واحد منهم وقنعت بتقسيماته واصطلاحاته لما وجدته يخلط أو يناقض نفسه، وهم جميعًا -بعد هذا كله- أسمح من أن يضيق بعضهم على بعض فيما ذهبوا إليه أو اصطلحوا عليه، فمخارج الحروف وصفاتها تخضع للملاحظة المباشرة، وكلما تجددت هذه الملاحظة ولدت مصطلحات جديدة، وتسميات مستحدثة، ومن هنا رأينا هؤلاء القراء -بعد تفصيل رأيهم في صفات الحروف مثلًا- ينبهون إلى التقسيمات الأخرى ويقولون بكثير من الحيطة والحذر: "وللحروف صفات أخرى غير مشهورة تركناها خوفًا من الإملال والتطويل"[3]. [1] مقدمة الجمهرة 7. [2] مناهج البحث في اللغة 85. [3] القول المفيد 62.
نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 284