نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 297
خطأ في قول الشاعر:
وهند أتى من دونها النأي والبعد
أجاب ابن فارس: "إنما عبر عنه من طريق المشاكلة، ولسنا نقول: إن اللفظتين مختلفتان فيلزمنا ما قالوه، وإنما نقول: إن في كل واحدة منهما معنى ليس في الأخرى"[1].
ولم يكن ابن فارس يكتفي بملاحظة الفروق الدقيقة بين الاسم والوصف أو بين اسم وآخر، بل كان يرى مع شيخه ثعلب أن معاني الأحداث التي تفيدها الأفعال تشتمل كذلك على فروق دقيقة لا تسمح بالقول بالترادف فيها "نحو مضى وذهب وانطلق، وقعد وجلس، ورقد ونام وهجع، ففي قعد معنى ليس في جلس، وكذلك القول فيما سواه"[2].
وبسبيل إثبات هذه التفرقة وإيضاحها يقول ابن فارس: "ألا ترى أنا نقول: قام ثم قعد، وأخذه المقيم والمقعد ... ثم نقول: كان مضطجعًا فجلس، فيكون القعود عن القيام، والجلوس عن حالة هي دون الجلوس؛ لأن الْجَلْس المرتفع، والجلوس ارتفاع عما هو دونه، وعلى هذا يجري الباب كله"[3].
ولقد نجد في لغات العالم، القديمة والحديثة، كلمات قليلة محدودة للتعبير عن أصوات الحركات الخفية مثلًا، فإن التمسنا في العربية ما وضع لأداء هذه الأصوات أدركنا العجز عن استيعاب تلك الكثرة من الكلمات الدالة على فروق دقيقة جدًّا؛ فالهمس صوت حركة الإنسان [1] نفسه 66. [2] المزهر 1/ 405. [3] الصاحبي 66.
نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 297