نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 300
أقسم وحلف في قوله: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} وقوله: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} ، وترادف بعث وأرسل في قوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين} ، وترادف فضَّل وآثر في قوله: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} وقوله: {تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} فقريش كانت تستعمل في بيئتها اللغوية الخاصة أحد اللفظين في هذه الأمثلة الثلاثة، وإنما اكتسبت اللفظ الآخر من احتكاكها بلهجة أخرى لها بيئتها اللغوية المستقلة. وهكذا لم نجد مناصًا من التسليم بوجود الترادف ولا مفرًّا من الاعتراف بالفروق بين المترادفات، لكن هذه الفروق -على ما يبدو لنا- تنوسيت فيما بعد، وأصبح من حق اللغة التي ضمتها إليها أن تعتبرها ملكًا لها، ودليلًا على ثرائها، وكثرة مترادفاتها.
وتكاد تُجْمِع كتب الأدب على رواية قصة تعتبر حجة دامغة على صحة ما نميل إليه؛ فقد خرج رجل من بني كلاب أو من بني عامر بن صعصعة[1] إلى ذي جَدَن من ملوك اليمن، فاطلع إلى سطح والملك عليه، فلما رآه الملك قال له: ثب، يريد "اقعد". فقال الرجل: ليعلم الملك أني سامع مطيع، ثم وثب من السطح ودقت عنقه. فقال الملك: ما شأنه؟ فقالوا له: أبيت اللعن، إن الوثب في كلام نزار الطمر "أي الوثوب إلى أسفل" فقال الملك: ليست عربيتنا كعربيتهم، من دخل ظفار حَمَّر "أي من دخل مدينتنا اليمنية "ظفار" فعليه أن يتكلم بلهجة حمير"[2].
وواضح أننا لا نقصد من هذه القصة أن نجري وراء المبالغين في الترادف، فنهول كما هولوا، ونزعم الترادف المطلق بين مئات الأسماء [1] سماه ابن فارس في "الصاحبي 22" زيد بن عبد الله بن دارم. [2] قارن بالصاحبي 22.
نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 300