نام کتاب : مناهج البحث في اللغة نویسنده : تمام حسان جلد : 1 صفحه : 37
فإذا أردنا دراسة هذا الخط باستقصاء كل دقائق أزمنته المتتابعة، فذلك قطعا في نهاية التعذر؛ أما إذا أردنا أن نختار نقطتين نعينهما عليه، كما هو واضح على الرسم، فتلك دراسة دياكرونية تاريخية، أما إذا اخترنا نقطة واحدة كحالة اللهجة القاهرية في سنة 1860 مثلا، أو في سنة 1940، فهذه دراسة سنكرونية أفقية لا رأسية.
هذا عرض سريع لفهم دي سوسور للفرق بين اللغة والكلام، وهو فهم وإن أخذ عليه بعض المآخذ، فإنه بعين طالب اللغة على تناول جهاتها الدراسية دون خلط بينها، ودون تأرجح في التفكير، وفي استعمال الاصطلاحات.
ويرى شارل بالي أحد تلاميذ دي سوسور، أن أستاذه قد بالغ في إعطاء اللغة كل هذه الصبغة الذهنية، بجعلها نتيجة الحكمة الجمعية، ويضغط هو على فكرة اللغة العاطفية، أو كما يسميها le langage affectif، وفي رأيه أن هناك صراعا دائما بين كلام الأفراد، وبين النظام اللغي الذي لا يمكن أن يرضي الجميع، فاللغة المنظمة العادية الثقافية، تكفي الرغبة في نقل الأفكار وفهمها؛ ولكن الكلام من ناحية أخرى، يقف في خدمة الحياة العملية؛ فأما ما يعبر الكلام عنه، فهو الإحساس والرغبة والعمل، وإنتاج الكلام عاطفي ذاتي في الغالب، وفي هذه الحرب الحصارية بين الكلام، واللغة ينجح الكلام دائما في إدخال بعض جنوده في القلعة المحاصرة؛ هذه الجنود هي الكلمات، أو الصيغ المتحدثة بالعاطفة.
وممن فرق بين اللغة والكلام من علماء اللغة، "السير ألان جاردنر"[1]، عضو الأكاديمية البريطانية، الذي يقول: إن عقل الإنسان في ساعات يقظته لا يستريح بل يفكر دائما، ولكن الإنسان لا يتكلم دائما بل يفكر وحيدا، وربما فكر دون كلام وهو في جماعة، وفي الكلام العادي لا بد من وجود شخص آخر على الأقل، ولا يستلزم حدوث الكلام وجود الآخرين، وقد يحدث الكلام في الوحدة على طريقة المونولوج، الذي يقوله الإنسان بينه وبين نفسه، ويتوقف حدوث الكلام في العادة على وجود شرطين: أولا إدراك شيء من الأهمية بدرجة تثير نشاطا، وثانيا وجود رغبة في إدخال آخر في الشركة في هذا الإدراك، وأشهر الدوافع التي تثير الكلام هي الرغب في إخبار شخص عن شيء، وبعبارة أخرى: بينا لا يتطلب [1] Speech & Language.
نام کتاب : مناهج البحث في اللغة نویسنده : تمام حسان جلد : 1 صفحه : 37