أما ما كان يرد به على الليث، ويزعم أنه مصحف أو أنه غير معروف فأكثره مزاعم يبطلها مراجعة نصوص العين.
وقد وضح لدينا في كثير من الاحيان أن الازهري كان لا يتواني عن النيل من العين أو نسبة التخليط إليه ولو باطلا.
فقد جاء في التهذيب في ترجمة (سعد) : " وخلط الليث في تفسير السعدان.
فجعل الحملة ثمر السعدان، وجعل حسكا كالقطب، وهذا كله غلط.
القطب: شوك غير السعدان يشبه الحسك والسعدان مستدير شوكه في وجهه.
وأما الحملة فهي شجرة أخرى وليست من السعدان في شئ " [1] وإنه لمن الواضح أن الازهري بهذا حاول أن يوهم من حوله بصحة تقويمه الليث حين جعله من غير الاثبات وممن ألفوا كتبا أو دعوها الصحيح والسقيم وحشوها بالمصحف إلى اخر ما تحامل به عليه.
غير أن ما نسبه إلى الليث هنا لم يقله الليث، وحقيقة ما جاء في العين مما اتفقت عليه النسخ وهو قوله: " والسّعدان نباتٌ له شوكُ كحسك القُطْب، غير أنه غليظ مُفْرْطَح كالفَلكْةَ، ونباته سمّي الحَلَمَةَ وهو من أفضل المراعي ... ويقال الحملة نبتٌ حسنٌ غير السعدان " [2] فأين هذا مما زعمه الازهري.
تَأبى بدِرّتها إذا ما استكرهت * إلاّ الحميَم فإنّه يتبصَّع بالصاد، أي: يسيل قليلا قليلا، فقال: ابن دريد " أخذ هذا من كتاب ابن المظفر فمر على التصحيف الذي صحفه " [3] .
لم يكن الخليل مصحفا، ولا الليث كما يحلو للازهري ذلك، فقد عرض في العين في ترجمة (بصع) لكلتا الرواتين، يتبصع بالصاد المهملة، ويبضع بالضاد المهملة ولكن الازهري أخفي هذا ليضفي على زعمه شيئا من الوجاهة. [1] التهذيب 2 / 73. [2] العين، ترجمة (سعد) في باب العين والسين والدال معهما. [3] التهذيب 2 / 53.
[*]