responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكليات نویسنده : الكفوي، أبو البقاء    جلد : 1  صفحه : 300
تَكْلِيف على الأول اتِّفَاقًا، وَلَا على الثَّانِي عندنَا؛ وَأما من لَا يعلم أَنه مُكَلّف مَعَ أَنه خُوطِبَ بِكَوْنِهِ مُكَلّفا حَال مَا كَانَ فاهما فَإِنَّهُ غافل عَن التَّصْدِيق بالتكليف لَا عَن تصَوره، وَذَلِكَ لَا يمْنَع من تَكْلِيفه وَإِلَّا لم تكن الْكفَّار مكلفين، إِذْ لَيْسُوا مُصدقين بالتكليف وَاتفقَ الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة على أَن لَا أَمر للْكفَّار بِالْعبَادَة حَال كفرهم كَمَا اتَّفقُوا على أَن لَا قَضَاء عَلَيْهِم بعد الْإِيمَان وعَلى أَنهم يؤاخذون بترك الِاعْتِقَاد للْوُجُوب فِي الْعِبَادَات، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي أَنهم هَل يُعَذبُونَ بترك الْعِبَادَات كَمَا يُعَذبُونَ بترك الْأُصُول أم لَا؟ فالشافعية تخْتَار الأول وَالْحَنَفِيَّة تخْتَار الثَّانِي
والتكليف بِمَا يمْتَنع لذاته كجمع الضدين وقلب الْحَقَائِق غير جَائِز فضلا عَن الْوُقُوع عِنْد الْجُمْهُور، وَبِمَا يمْتَنع الْفِعْل لتَعلق الْإِرَادَة بِعَدَمِ وُقُوعه جَائِز، بل وَاقع إِجْمَاعًا؛ وَالَّذِي وَقع النزاع فِي جَوَازه هُوَ التَّكْلِيف بِمَا لَا يتَعَلَّق بِهِ الْقُدْرَة عَادَة كالطيران إِلَى السَّمَاء [وَالْجمع بَين النقيضين لاستحالته عقلا وَعَادَة] والأشاعرة، وَإِن قَالُوا بِإِمْكَان تَكْلِيف الْعَاجِز، لَا يَقُولُونَ بِوُقُوعِهِ بِالْفِعْلِ
والتكليف بِحَسب الوسع، وَلِهَذَا يجب اسْتِقْبَال عين الْكَعْبَة لمكي وجهتها للآفاقي فَإِذا تبين خَطؤُهُ فِي التَّحَرِّي لَا يُعِيدهَا، وَكَذَا كل من فَاتَهُ شطر من شَرَائِط الصَّلَاة عِنْد الضَّرُورَة لَا يُعِيدهَا، كمن صلاهَا مَعَ نجس عِنْد عدم مزيل النَّجَاسَة وَمَعَ التَّيَمُّم عِنْد عدم القردة على الْوضُوء وَغير ذَلِك
[وَأعلم أَن أَكثر الْمُحَقِّقين على أَن التَّكْلِيف بِمَا لَا يُطَاق غير جَائِز عقلا وسمعا لِأَنَّهُ عَبث، كتكليف الْأَعْمَى بالإبصار وَهُوَ مِمَّا لَا يجوز على الْحَكِيم وَلقَوْله تَعَالَى: {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَى وسعهَا} {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} وَاحْتج المجوزون بِأَنَّهُ تَعَالَى كلف أَبَا لَهب بِالْإِيمَان مَعَ أَن الْإِيمَان مِنْهُ محَال لعلمه تَعَالَى بِعَدَمِ إيمَانه أصلا، وَمَا علم الله يمْتَنع خِلَافه وَقد تحير الأصوليون فِي جَوَابه وَوَضَعُوا لَهُ قَاعِدَة لدفع هَذِه الشهبة وَهِي أَن هَذَا النَّوْع من الْمُمْتَنع الَّذِي امْتنع لغيره جَازَ أَن يُكَلف بِهِ، وَإِنَّمَا النزاع فِي الْمُمْتَنع لذاته كالجمع بَين الضدين، وَلَا خَفَاء فِي كَونه عَبَثا كالممتنع لذاته لِأَنَّهُمَا فِي عدم الوسع والحرجية والعبثية سَوَاء، بل جَوَابه أَن الله تَعَالَى يعلم أَنه لَا يُؤمن بِاخْتِيَارِهِ وَقدرته فَيعلم أَن لَهُ اخْتِيَارا وقدرة فِي الْإِيمَان وَعَدَمه فَلَا يكون إيمَانه مُمْتَنعا وَإِلَّا لزم الْجَهْل على الله، تَعَالَى عَن ذَلِك، نعم لَكِن لَا نسلم كَون التَّكْلِيف بالممتنع لغيره عَبَثا لِأَنَّهُ لما كَانَ فِي ذَاته مُمكنا دخل تَحت الوسع وَالِاخْتِيَار نظرا إِلَى الذَّات، إِذْ الِامْتِنَاع بِالْغَيْر لَا يعْدم الِاخْتِيَار وَالْقُدْرَة فَيصح التَّكْلِيف بِهِ، بِخِلَاف

نام کتاب : الكليات نویسنده : الكفوي، أبو البقاء    جلد : 1  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست