تقديم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تعدّ حركة إحياء التراث في حياة الأمم والشعوب تعبيرا حيا مصمّما للحفاظ على قيم الجماعة وفكرها، وتأكيد أصالتها واستمرار وجودها.
وقد عرف التراث العربي مثل هذه الحركة الحية غير مرة في تاريخه الطويل، كان آخرها ما يشهده العالم في هذا منذ نحو قرن من الزمان.
ومن عجب أن هذا المدّ الزاخر من إقبال الأجيال المتلاحقة على تحقيق نصوص التراث العربي والإسلامي لم تهدأ فورته، ولم تخمد شعلته ... بل زادها تعاقب الأعوام وعقودها قوة وصلابة ونضجا، وغدا أبناؤها يقبلون عليها بوعي كامل، وإيمان عميق بأن كل نص تراثي يخرج إلى النور إنما يؤدي غرضا متعدد الجوانب ... إذ يكشف عن جانب متفوق فيما غبر من حضارة الأمة من جهة، ويشكل لبنة قوية تأخذ مكانها في صرح هذه الحضارة الشامخ فتسهم بدورها في سموه ورسوخه من جهة أخرى، كما تعد شعاعا ساطعا يضيء للأجيال طريق المستقبل المتصل الحلقات بالماضي العريق بعد ذلك.
ومما يسعد النفس ويبقي على نضارة الامال؛ أن نجد هذا الميدان التراثي الأصيل تمور في جنباته همم عليمة شابة، وكان المظنون لدى بعض أهل العلم أنه قاصر على علم الشيوخ في طول صبرهم ومعاناتهم.