وأما (تحامى) ، وليس هو من أفعال المشاركة فإنه يتعدى ولا يتعدى. ومثال المتعدي قول ابن جني في الخصائص: "تحاميت ما تحامت العرب، من ذلك –1/103". وجاء في الأساس: "ويقال احتميت منه وتحاميته" ومنه قول أبي الفضل بديع الزمان الهمذاني في رسائله: "ويتحامى من أخلاق الشيخ تعاطي الشرب ويقتدي به في سائر أخلاق الفضل –ط. الجوائب/199". وقول الحريري في مقامته الرقطاء: "فحييته ثم تحاميته". وفي مختار الصحاح: "وتحاماه الناس أي توقوه واجتنبوه". ومثال (تحامى) المتعدي بالحرف قول ابن جني في الخصائص: "تحامياً من اجتماع الإعلالين –1/397". وقول الهمذاني في المقامة البشرية: "قد كانت تحامت عن ذلك الطريق /446" أي تباعدت.
القول في تعدية التفاعل
مر بنا أن الأصل في مفاعلة المشاركة إذا تعدت إلى مفعولين أن يتعدى (التفاعل) إلى واحد. فأنت تقول (نازعته الأمرَ) إذا جاذبته إياه فتعدّيهِ إلى اثنين فإذا قلت (تنازعوا الأمر) عدّيته إلى واحد. وأنت تقول (جاذبته الأمرَ) فتعدّيه إلى اثنين، فإذا قلت (تجاذبوا الأمر) عدّيته إلى واحد أيضاً. ففي الأساس: "نازعه الكلام ... وتنازعوا الكأس". وفي الصحاح: "جاذبته الشيء إذا نازعته إياه.. والتجاذب التنازع".
فإذا تعدت مفاعلة المشاركة إلى واحد جاء التفاعل منها لازماً لا يتعدى. فأنت تقول (نازعت فلاناً) إذا خاصمته، فإذا قلت (تنازع القوم) إذا اختلفوا وتخاصموا جئت به لازماً لا يتعدى إلى شيء. ففي المصباح: "نازعته في كذا منازعة ونزاعاً خاصمته وتنازعا فيه وتنازع القوم اختلفوا".
وتقول ساءلته عنه فتعدّيه إلى واحد، وتساءل القوم فتأتي به لازماً. ففي الأساس "وساءلته عنه مساءلة وتساءلوا عنه". وفي مختار الصحاح: "وتساءلوا سأل بعضهم بعضاً".
وما دام (تساءل) من أفعال المشاركة فلابد أن يأتي من اثنين فأكثر. ويقول الكتاب حيناً (تساءل فلان عن كذا) فيجعلون فاعله واحداً، فهل لهذا وجه من العربية؟