والوشي في الأصل مصدر كالعصب، وقد سمي به أيضاً. قال الفيومي: (وشيت الثوب وشياً من باب وعد رقمته ونقشته فهو مَوْشيّ، والأصل مفعول. والوشي نوع من الثياب المَوْشيَّة تسمية بالمصدر) . وقال الزمخشري في أساسه: (ثوب موْشِيَّ ومُوَشَّى، وهو يلبس الوَشيّ) . على أنهم لم يترددوا مع ذلك في جمع (الوشي) خلافاً لما فعلوه في (العَصب) . قال صاحب الصحاح: (والوشي من الثياب معروف، والجمع وِشاء، على فَعل وفِعال) !..
وإذا كان العرب قد حرصوا على الأصل وأبقوا على الصيغة حيناً فتجنبوا أن يجمعوا ما نقلوه من المصادر إلى الاسمية، وما أرادوا به اسم المعنى أو العين من أسماء المصادر، ولم يزيلوا بالنقل ماكان لهم من الصيغة والحكم، ما أذنت بذلك أساليب تعبيرهم، فإنهم عمدوا كذلك، إلى جمع ما لم يُرَد به الحدث أو الجنس فيها، اعتباراً بالمعنى واعتداداً بالدلالة، واحتذى الأئمة حذوهم واقتاسوا قياسهم، فوجدنا في كلامهم مستفيضاً منه متداولاً. ومن هنا كان الوجه أن يساغ الجمع فيما يعترض من ذلك كله، كلَّما دعت إليه الضرورة في التعبير، ومسَّت إليه الحاجة في الاصطلاح، كما بيناه ودللنا على منهاجه.
التجريب والتجربة
قال الأستاذ الشيخ محيي الدين عبد الحميد، في مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، للدورة السابعة والثلاثين: (العرب لا يفرقون بين التجربة والتجريب، ولا فرق في المعنى بينهما أيضاً) . فردّ الأستاذ عباس حسن قائلاً: (هناك فرق في اللغة بين التجربة والتجريب. فقد جاء في المصباح: قال الأزهري جرَّبت الشيء تجريباً اختبرته مرة بعد أخرى، والاسم التجربة والجمع التجارب أ. هـ فالتجريب مصدر، وبهذا يدل على القليل والكثير، والتجربة اسم) .
ويقول الأستاذ محيي الدين عبد الحميد: (في اللغة العربية يدل اسم المصدر على معنى المصدر) . فيجيب الأستاذ عباس حسن (هناك فرق كبير بين المصدر واسم المصدر، وبينهما وبين غيرهما من الأسماء) ، فما الرأي في هذا كله؟ ...