تنبيهان
الأول: تقدم أنه لا يصغر جمع على مثال من أمثلة الكثرة، لمنافاة التصغير للكثرة، وأجاز الكوفيون تصغير ما له نظير فى الآحاد كرُغْفان، فإنه نظير عثمان، فيقال فى تصغيره رُغَيْفَان. فمن أراد تصغير جمعٍ ردَّه إلى مفرده وصغَّره، ثم يجمعه جمع مذكر إن كان لمذكر عاقل، وجمع مؤنث إن كان لمؤنث أو لغير عاقل، كقولك فى غِلْمان[1] وجَوَار ودَرَاهم: غُلَيْمون أو غَلَيْمين، وجُوَيْرِيات ودُرَيْهِمات.
وأما اسم الجمع واسم الجنس الجمعى فيُصغران، لشبههما بالواحد.
الثانى: لا يُصغر إلا المتمكن كما سبق، ولا يصغر من غيره إلا أربعة:
1 أفعل فى التعجب.
2 والمزجي ولو عدديًا عند من بناه.
3 وذا وتا ومثناهما وجمعهما.
4 والذى والتى كذلك.
وحكمها: أن تصغير أفعل والمزجي كالمتمكن فى هيئته، كما تقدم، بخلاف الإشارة والموصول، فيترك أولهما على حاله: مِن فتحٍ، كذا والذي، ضم كإلى، ويزاد في آخره المثنى ألف، فتقول ذيا وتيا، ومنه قول رؤْبة الراجز:
أو تحلِفى بِرَبِّكِ الْعَلِيّ ... أَنِّي أَبُو ذَيَّالِكِ الصَّبِيّ
وذَيّان وتَيّان وأولَيَّا، واللَّذَيَا واللَّذَيَان واللَّتَيا واللَّتَيان واللَّذَيِّين مطلقًا، بفتح الياء المشددة أو كسرها، أو التَذيُّون فى حالة الرفع، بضم الياء أو فتحها، على الخلاف بين سيبويه، والأخفش[2]، واللَّتَيَّان جمع اللَّتَيا، يغنى عن تصغير اللائى واللاتى عند سيبويه، وصغَّرهما الأخفش بقلب الألف واوًا، وحذف لامهما وهى الياء الأخيرة.
وتقلب الهمزة فى اللائى، فيقال اللَّويا واللَّويتا، وضم لام اللَّويا واللتيا لغةٌ، كما فى التسهيل، خلافًا للحرِيرىّ فى دُرَّة الغواص. وإنما ساغ تصغير الإشارة والموصول، لأنهما يوصفان ويوصف بهما، والتصغير وصف في المعنى كما سبق، ولذا مُنِع عمل اسم الفاعل مصغرًا، كما منع موصوفًا. [1] على هذا الترتيب: "غِلمان= غلام = غُليم =غليمون".
"جواري=جارية=جويرية=جويريات".ن [2] سيبويه يقول بضم ما قبل الواو، وكسر ما قبل الياء والأخفش يقول بفتح ما قبلها، ومنشأ الخلاف ألف اللذيا. فالأول يحذفها في التثنية. والثاني يحذفها لالتقاء الساكنين، فهي مقدرة عنده، وقد ظهر أثر الخلاف في الجمع ا. هـ.