نام کتاب : من تاريخ النحو العربي نویسنده : الأفغاني، سعيد جلد : 1 صفحه : 140
وتعظيمها، وينهون عن تعلمها وتعليمها، ويمزقون أديمها ويمضغون لحمها، فهم في ذلك على المثل السائر: "الشعير يؤكل ويذم"، ويدَّعون الاستغناء عنها وأنهم ليسوا في شق[1] منها. فإن صح ذلك فما بالهم لا يطلقون اللغة رأسا والإعراب، ولا يقطفون بيننا وبينهم الأسباب، فيطمسوا من تفسير القرآن آثارهما، وينفضوا من أصول الفقه غبارهما، ولا يتكلموا في الاستثناء فإنه نحو، وفي الفرق بين المعرف والمنكر فإنه نحو، وفي التعريفين تعريف الجنس وتعريف العهد فإنه نحو، وفي الحروف كالواو والفاء وثم ولام الملك و"من" للتبعيض ونظائرها، وفي الحذف والإضمار، وفي أبواب الاختصار والتكرار، وفي التطليق بالمصدر واسم الفاعل، وفي الفرق بين "إن" و"أن"، و"إذا" و"متى" و"كلما" وأشباهها مما يطول ذكرها, فإن ذلك كله من النحو؛ وهلا سفهوا رأي محمد بن الحسن الشيباني -رحمه الله- فيما أودع كتاب الأيمان, وما لهم لم يتراطنوا في مجالس التدريس وحلق المناظرة ثم نظروا: هل تركوا للعلم جمالا وأبهة؟ وهل أصبحت الخاصة بالعامة مشبهة؟ وهل انقلبوا هزأة للساخرين، وضحكة للناظرين؟ فإن الإعراب أجدى من تفاريق العصا[2] وآثاره الحسنة عديدة الحصى. ومن لم يتق الله في تنزيله، فاجترأ على تعاطي تأويله وهو غير معرب ركب عمياء وخبط خبط عشواء، وقال ما هو تقول وافتراء، وكلام الله منه براء. [1] الشق هنا: الناحية. [2] كلما كسر من العصا شيء, انتفع بالباقى منه منفعة.
نام کتاب : من تاريخ النحو العربي نویسنده : الأفغاني، سعيد جلد : 1 صفحه : 140