نام کتاب : من تاريخ النحو العربي نویسنده : الأفغاني، سعيد جلد : 1 صفحه : 80
جرى بعض الباحثين قديما وحديثا على رد الخلاف النحوي بين هذين المصرين العربيين إلى السياسة، وهو رأي سطحي لا يثبت عند التدقيق؛ فأهل النظر في كل فن تتباين أنظارهم كثيرا دون أن يكون للسياسة أو غيرها في ذلك أثر، وإنما هو الاجتهاد المحض، وهؤلاء أئمة البصريين يختلفون -فيما بينهم- اتجاها واجتهادا في مسائل كثيرة. نعم ربما كان للسياسة أثر ما في ميل الأمراء العباسيين إلى الكوفيين، لكن هذا شيء وتوجيه الفن إلى اتجاه خاص شيء آخر.
أثر العصبية في الخلاف:
أما هذه الأحداث التي كانت تكون بين كوفي وبصري في قصور الحكام فنوع من الدفاع عن القوت أولا، وميل إلى العصبية البلدية[1] آخرا. ولا تظن أن ما مر بك من مشاحنات بينهم كان يصرف بعضهم عن الانتفاع بعلم بعض، وحسبك أن تعلم أن الفراء مات "وتحت رأسه كتاب سيبويه" وأن الكسائي وهب للأخفش خمسين دينارا لقراءته كتاب سيبويه عليه، وأنه "سلخ كتابه في معاني القرآن من كتاب الأخفش"[2] وأن [1] لما نعي الأحمر إلى الفراء وكلاهما كوفي "وكانت بينهما وحشة"، ذكره بخير وأثنى عليه، فقال أهل زمانه: "لم يذكره لمحبة له، وإنما ذكره ليكاثر أهل البصرة بأهل الكوفة" إنباه الرواة 2/ 317. [2] بغية الوعاة ص358 وانظر إنباه الرواة 2/ 37 حيث قول الأخفش: سألني الكسائي أن أؤلف له كتابا في معاني القرآن، فألفت كتابي في المعاني فجعله إماما، وعمل عليه كتابا في المعاني, وعمل الفراء كتابه في المعاني عليهما. هذا وذكروا أن "معاني الكسائي" لو قرئ عشر مرات لاحتاج من يقرؤه أن يقرأه. إنباه الرواة 2/ 265.
نام کتاب : من تاريخ النحو العربي نویسنده : الأفغاني، سعيد جلد : 1 صفحه : 80