كأنّ النُّجوم مصابيح وشموع، فإنه لم يضع التشبيه على هذا وإنما قصد إلى الهيئة التي يكتسبها المِرِّيخ من كون المُشْتَرِي أمَامه، وهكذا قولُ ابن المعتزّ:
كأنَّهُ وكأنَّ الكأسَ في فَمِهِ ... هلالُ أوَّل شهرٍ غابَ في شَفَقِ
لم يقصد أن يشبه الكأسَ على الانفراد بالهلال، والشَّفة بالشفق على الاستئناف، بل أراد أن يشبّه مجموع الصُّورتين، ألا ترى أنك لو فرّقت لم تَحْلَ من التشبيه بطائل، إذ لا معنى لأن تقول: كأن الشفة شفق، وتسكت، أترى أن قولَه:
بَيَاضٌ في جَوانِبه احمرارٌ ... كَما احْمَرَّتْ من الخجَلِ الخُدودُ
استوجبت الفضل والخروج من التشبيه العاميّ، وأن يقال قد زاد زيادةً لم يُسبق إليها، إلا بالتركيب والجمع، وبأن ترك أن يُرَاعَى الحمرة وَحْدَها. وقال القاضي أبو الحسن رحمه الله: لو اتفق له أنْ يقول احمرار في جوانبه بياض، لكان قد استوفى الحسن وذلك لأن خَدَّ الخَجَلِ هكذا، يُحْدِقُ البياضُ فيه بالحمرة لا الحمرة بالبياض، إلاّ أنه لعله وجد الأمر كذلك في الوَرْدة، فشبّه على طريق العكس فقال هذا البياضُ حوله الحمرة