نام کتاب : الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا نویسنده : عفيف عبد الرحمن جلد : 1 صفحه : 257
ومن أبرز تحولات هذه البرهة أو اللحظة الاستقلابية العظيمة إننا نجد عنصرًا جدليًّا هو عنصر الدم، والدم متعدد المدلولات: فهو إشارة إلى النزعة التدميرية التي ستعبِّر عن نفسها خير تعبير من خلال برهة المطر القادمة، وهو إشارة إلى الحياة التي حضرت بحضور الماء والحركة، وهو ثالثًا إشارة إلى الاخضلال والليونة اللتين يطرحهما في وجه اليبوسة والتصخر[1].
وتدخل المعلقة في طور جدلي أعلى، والصيد والشاعر لا يخرجان في ذلك عن الجوهر الحركي لحيوانه، ولا عن كونه حاملًا لصورة القوة، بل نجد القوة في حالة التطبيق والممارسة "الأبيات 67-73",ويلاحظ أن الشاعر أسبغ حرزًا على تلك الحيوانات العذارء، وذلك عبر وصفها "بالجزع المفصل" أي: بالخرز الأبيض والأسود، الذي من شأنه أن يصد الأذى عن حامله، ومن شأنه أن يصون قداسة العذراء التي تلبسه. ولكي يؤكد هذا التحرز والمنعة فقد شبهه بنساء لهن أعمام وأخوال يحمونهن من الاستلاب. وهذا يعني أنه الذي اعتاد انتهاك الحرمات دون أيّ إحساس بالإثم يتحول الآن إلى أخلاقي نموذجي يلتزم بأعراف عصره، وذلك بسبب من ارتباط هذه المسألة بالألوهة، بل بسبب من العلاقة اللاشعورية التي تقيمها المجتمعات البدائية والزراعية بين العذرية في النساء والخصوبة النمائية في التربة. وبما أن العذرية ذات علاقة بالقحط والخصوبة، أي: بالطعام والشراب، أول أسس الحياة، فإن أمرأ القيس الذي يبكي الجفاف وتصخر الطبيعة، لا يسعه إلى أن يقدس العذرية كأي بدائي[2].
وبالرغم من أن برهة الصيد تبدو بحثًا عن الوفرة، تمامًا كما هو حال المطر في اللوحة القادمة، إلّا أنه بوسعنا القول: إن هوية اللذة قد أخذت تنحل في شكل ممارسة لفعل الصيد "الافتراس", كما سبق لها أن انحلت في الحصان[3]. ولا تقف هذا النزعة الافتراسية عند تخوم لوحة الصيد، بل إنها تتمطى لتغمر لوحة المطر، ولكن بعد أن تتحول من هيئة الافتراس إلى هيئة تدمير "الأبيات 74-85". [1] بحوث في المعلقات 173. [2] نفسه 176. [3] نفسه 178.
4 نفسه 195.
نام کتاب : الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا نویسنده : عفيف عبد الرحمن جلد : 1 صفحه : 257