نام کتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 107
قصد به أولًا إلى الجمهور، ولعل ذلك ما جعل شعره أكثر وضوحًا وأقرب فهمًا؛ إذ كان يبسِّط لغته وأساليبه. حقًّا صب شعره في القوالب القديمة ولكنها عنده أدنى إلى الجمهور منها عند البارودي لسبب بسيط؛ وهو أنه كان يذيعها في صحفه اليومية، وكان كثير منها يُطْبَع بطابع السياسيين من معاصريه، وخاصة الخطباء منهم، فنحن في أحوال كثيرة نشعر عنده أنه يخطب، على نحو ما يخطب مصطفى كامل وغيره.
وحافظ بذلك صورة حية لعصره، فهو ينقله إلينا في شعره بأفكاره وآراء كتابه وخطبائه، وأساليبهم أحيانًا. فكل ما يضطرب في نفوس معاصريه يستوعبه استيعابًا رائعًا ويحوِّله شعرًا، فإذا وجدته يقول:
وما أنتِ يا مصر دار الأديب ... ولا أنتِ بالبلد الطيب
أيعجبني منك يوم الوفاق ... سكوت الجماد ولعب الصبي
يقولون في النشء خير لنا ... وللنش شر من الأجنبي
فإنما يعبر عن سخط من حوله من السياسيين والاجتماعيين، فهو يشير إلى سكوت المصريين على الاتفاق الذي تم بين فرنسا وإنجلترا سنة 1904، وكان يتيح لأولاهما أن تطلق يدها في مراكش، ولثانيتهما أن تطلق يدها في مصر وتأخذها بما تريد من حكم جائر. ونراه يعيب على الشباب عكوفه على الملاهي وانصرافه عن الجد والعمل المثمر لأمته. ولحافظ شعر كثير يقرِّع فيه الشباب كأنه يريد أن يستثيرهم بما يغرس من الحميَّة فيهم. وكان لا يجد بِرًّا ولا عملًا نبيلًا إلا يشيد به ويتغنى بالقائمين على أمره، وله في فتح المدارس والجامعة القديمة وإنشاء الملاجئ شعر كثير؛ كقوله في رعاية الطفولة:
أنقذوا الطفل إن في شقوة الطفـ ... ـل شقاء لنا على كل حال
أنقذوه فربما كان فيه ... مصلح أو مغامر لا يبالي
شاع بؤس الأطفال والبؤس داء ... لو أتيح الطبيب غير عضال
نام کتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 107