نام کتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 113
قصائد باهرة. ولا نبالغ إذا قلنا: إنه كان بشيرًا بفكرة الجامعة العربية التي تأسست من بعده، فشعره في هذه الدورة من حياته يَفيض بالوَحْدَة العربية، وأن العرب جسم واحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، ومن أبياته الدائرة في نوادي العرب ومجالسهم قوله:
ونحن في الشرق والفصحى بنور حم ... ونحن في الجرح والآلام إخوان
وقوله:
كلما أنَّ بالعراق جريح ... لمس الشرق جنبه في عمانه
وبمثل هذا الشعر الذي نظمه في العرب، وبما نظمه من سياسيات ووطنيات في قومه، احتل شوقي مكانة مرموقة في سِنيه الأخيرة، فلما أعاد طبع ديوانه "الشوقيات" في سنة 1927 أقيم له حفل تكريم عظيم، اشتركت فيه الحكومة المصرية والبلاد العربية؛ إذ قدمت منها وفود مختلفة تمجِّد شاعر مصر وتشيد بعبقريته ونبوغه. وقد وضع الشعراء في هذا الحفل على مفرقه تاج إمارة الشعر لا في مصر وحدها؛ بل في سائر الأقطار العربية. وأعلن حافظ هذا التتويج أو هذه البيعة قائلًا:
أميرَ القوافي قد أتيتُ مبايعًا ... وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
ولم تسترح نفس شوقي الكبيرة عند هذا الظفر العظيم؛ بل طمحت إلى أن تحقق أملًا منشودًا كان يراود دعاة التجديد عندنا منذ أوائل القرن الحاضر، وهو إدخال الشعر التمثيلي إلى دوائر شعرنا العربي، فنظم مسرحياته التي تحدثنا عنها في غير هذا الموضع، ولقيت نجاحًا منقطع النظير، ورأى أن يصوغ بعض الأزجال للغناء، فنظم منها طائفة بديعة من مثل زجله:
النيل نجاشي ... حليوه أسمر
عجب للونه ... دهب ومرمر
غير أن قيثارة الشعر العربي لم تلبث أن سقطت من يده في أكتوبر سنة 1932 فلبى داعي ربه، مخلفًا لمصر والبلاد العربية تراثه الشعري الخالد.
نام کتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 113