responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 185
"سر تقدم الإنجليز السكسونيين"، ونشره مقالات مسلسلة في صحيفة "المؤيد" سنة 1899، أما لطفي السيد فعُنِيَ بترجمة بعض آثار أرسططاليس. فكان الأول باعثًا على البحث في عيوبنا الاجتماعية، وكان الثاني رائدًا لاتصالنا بالفلسفة الغربية وأبحاثها في القديم والحديث. ولكن ليس ذلك هو المهم عندهما، فقد دفعا هما وأمثالهما -ممن تثقفوا في عمق الثقافة الغربية- نموذجنا النثري الجديد -نموذج المقالة- إلى أن يصبح نموذجًا فكريًّا نشيطًا، بما اقتبسوا له من أفكار الغربيين في السياسة والأخلاق والاجتماع.
وفي أثناء ذلك كان ينمو عندنا فن قديم ويتطور، وهو فن الخطابة، ومعروف أن العرب كانت لهم خطابة نشيطة في العصرين الجاهلي والإسلامي، وأنهم عرفوا الخطابة السياسية عند زياد بن أبيه ونظرائه، كما عرفوا الخطابة الدينية عند الحسن البصري وأقرانه. وازدهر هذان اللونان في العصر الأموي، وسرعان ما ذبلا وفقدا النضرة والحياة في العصر العباسي ثم في العصور التالية، فقد ضغط العباسيون على الناس وحرموهم الحديث في شئونهم السياسية. وجمد العقل العربي فلم يتطور الخطباء بالخطابة الدينية في صلاة الجمعة والأعياد؛ بل اكتفوا بنماذج ابن نباتة معاصر سيف الدولة في القرن الرابع الهجري، وأخذوا يبدئون فيها ويعيدون دون تغيير أو تبديل.
جاء عصرنا الحديث إذن والخطابة السياسية ميتة، والخطابة الدينية كأنها الأخرى ميتة، فلما أخذنا نسترد حريتنا وننقل القضاء الغربي إلى ديارنا عادت الخطابة السياسية إلى النشاط، وأنشأنا خطابة جديدة عرفها الأوربيون هي الخطابة القضائية. فوُجد المحامون ووجد المدَّعون، ونبغ في الطرفين مجموعة كبيرة من نابهي الخطباء القضائيين.
وبذلك تنهض مصر بهذين اللونين من الخطابة في الأدب العربي الحديث، فهي التي أتيح لها أن تنشط فيهما؛ إذ كانت الحريات مكبوتة في البلاد العربية الخاضعة لتركيا، ولم يُنْقَلْ إليها النظام القضائي الغربي، فكنا السابقين في هذين اللونين.

نام کتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست