نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 46
مِيقاتاً
[سورة النبأ، الآية: 17] إلى سَراباً
فإن سأل سائل عن معنى قوله: فَكانَتْ أَبْواباً
[سورة النبأ، الآية: 19] . وعن وجه التشبيه بالسّراب قلت: معنى قوله: أبوابا يريد كانت ذات أبواب مفتّحة، وليس المعنى صارت كلّها أبوابا، كما أنّ قوله: كانت فراخا بيوضها صارت كلّها فراخا، لأنها إذا صارت كلّها أبوابا عادت فضاء، وخرجت من أن تكون أبوابا.
وأما التّشبيه بالسرّاب، فالمراد به بيان إلماعها، وتخلخلها في نفسها، والسّراب هو الذي يتخيّل للنّاظر نصف النّهار كأنه ماء يطرد، ويقال: سرب الماء يسرب، إذا سال، والمراد ما يتداخل النّفس من تغير المعهود، وقد أخرج الله تعالى صفة القيامة في معارض مختلفة لا ختلاف أحوال المسوفين، وكرر ذكرها، وحذّر منها، ونبّه من أمرها على كثير مما يكون فيها ليبين فظاعتها فقال تعالى: فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ
[سورة المرسلات، الآية: 8] إلى لِيَوْمِ الْفَصْلِ
، وقال تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ
[سورة الحجر، الآية: 48] الآية، فتبديل الأرضين والسّماوات وإطفاء الضّوء وتفريج السّماء وتحليل عقدها حتى تصير أبوابا وطمس نجومها؛ وانتشار كواكبها، ونسف جبالها كلّ ذلك، أو أكثرها مما تؤكد حال الفناء، وإزالة معاقد الأرض والسّماء. وقد درج تعالى في هذه الصفات لأنه تعالى ردّدها متفننة في أوقاتها بين أوائلها، ووسائطها، وأواخرها فمن ذلك قوله تعالى: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ
[سورة النازعات، الآية: 6] إلى بِالسَّاهِرَةِ
. وقال تعالى: ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُ
أي الوعد به صدق، أو يراد به أنه يوم حق لا باطل معه إذا قام الأوّلون والآخرون، ويجتمع متفرّق الأسباب، ومتمزّق الأجلاد، ويعود غائب الأرواح، ويحشر الأفواج. وقد قال تعالى: فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى
[سورة النازعات، الآية: 34] والطّامة هي العالية على ما قبلها.
وقال تعالى: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ
[سورة الانفطار، الآية: 1] إلى وَأَخَّرَتْ
، وقال تعالى: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ
[سورة الانشقاق، الآية: 1] إلى وَتَخَلَّتْ
وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ
[سورة التكوير، الآية: 1] وإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ
، وإِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها
[سورة الزلزلة، الآية: 1] ، وقال تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها
[سورة الأعراف، الآية: 187] إلى آخر السورة. وهذا السؤال، والجواب مثل سؤالهم عن الرّوح فقوله: فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها
[سورة النازعات، الآية: 44] مثل قوله تعالى: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي
وقال تعالى: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ
[سورة البروج، الآية: 12] والإبداء إبداعه الخلق كلّه لا من شيء والإعادة ما وعد به من الإحياء بعد الإماتة، والبعث، والحشر، وإعداد الثّواب والعقاب.
وحكي عن الأصمعي أنه قال: إذا قال الرجل: أول امرأة أتزوّجها فهي طالق لم يعلم هذا من قوله حتى يحدث بعدها أخرى، فإن ماتت لم تكن أول لكنه لا تشركها أخرى.
نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 46