نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 516
والثّالثة: طبقة مقيمة في مياهها ومحاضرها ومرابعها ومزالفها، راضية من العيش بما يحفظ عليهم التّجمل وينفي عنهم التقشّف والتّبدل، فيتّجرون فيما يعتنون جلبا، وينقلون ما به يقضون أربا.
والرّابعة: العسفاء والأجراء ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الخيل العراب تراث أبيكم إسماعيل فاقتنوها واركبوها، وكان أول من ركبها إسماعيل وبنوه، وكانوا اثني عشر رجلا يسمّون الفوارس» . قال أسد بن مدركة منتميا في شعره إلى إسماعيل عليه السلام.
أبونا الذي لم يركب الخيل قبله ... ولم يدر شيخ قبله كيف يركب
وعوّدنا فيما مضى من ركوبها ... فصرنا عليها بعده نتلقّب
لعمرك ما عمّاي شمر ويبهس ... ولكنّما عمّاي بكر وتغلب
فإن يك أقوام أضاعوا آباءهم ... سفاها فما ضلّت ربيعة أكلب
وروي عن يحيى بن أبي كثير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ هذه الخيل كانت وحشا في الفلوات، لها أجنحة في مواضع أكتافها» قال: وكان في دور العجم مثل خلق الخيل صورا لها كالأجنحة في مواضع أكتافها تسمّى بالفارسية درواسف وتفسيرها بالعربية ذو الأجنحة من الخيل، فلم أعرف معناه حتى سمعت هذا الحديث، قال ثم ذللت لاسماعيل وكانت معه في جرهم فلمّا توفّاه الله عادت وحوشا إلى مواضعها، حتى جاء زمن داود فذلّلت له ثم ورثها سليمان، وكان يعجب بها وهي التي ذكرها الله تعالى في قوله: إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ
[سورة ص، الآية: 31] وكان أصحاب النّخل أكثر دعة وأرفع عيشا، وأندى جنابا وأحضر نفرا من أرباب الإبل، إذ كانت الإبل أشدّ امتهانا لأهلها وابتذالا لمتخذيها مع ما يلحقها عند سقوط الغيث، ونبات البقل، ودرور الألبان من الفارة والنّدود والشّرود مع الكلف اللّاحقة من لوازم الرّعاء والتّحفظ من الحزابة والسّلة ومع ما ينالها في شهب السّنين من السّواف وسائر العاهات، وفي استقبال بارد الرّياح من الأدواء المهلكة، وتلحقها من عدوة السّباع الضّارية، حتى أنّ ربّها يمسي غنيا مكثرا ويصبح فقيرا مدقعا.
والخيل ثلاثة أصناف: فمنها ملوك الخيل التي لا تجارى، وهي تسبق بعنقها وكرمها وحسبها مع حسنها وتمام خلقها واستوائها وهي الرّوابع. والصّنف الثّاني المضامير: وهي سباع الخيل المتعالية اللّحوم، وخلقتها غير خلقة الأولى لكنها أخفّ وأرقّ منها. والصّنف الثّالث: ضباع الخيل قوّية شديدة تحمل الزّاد والمزاد في السّهل والجبل، وهي الغلاظ الشّداد، مع جودة الأنفس، لأنّ الغليظ أحوج إلى شدّة النّفس من غيره.
نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 516