نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 523
الباب التّاسع والخمسون في ذكر أفعال الرّياح لواقحها- وحوائلها- وما جاء من خواصها في هبوبها وصنوفها
قال مؤرخ من خواص الجنوب: أنّها تثير البحر حتى يسودّ، وتظهر كلّ ندى كائن في بطن الوادي حتى يلتصق الأرض، وإذا صادفت بناء بني في الشتاء والأنداء أظهرت نداه وحسنه، حتى يتناثر ويطيل الثّوب القصير، ويضيق الخاتم في الإصبع، ويسلس بالشّمال والجنوب تسرى باللّيل. تقول العرب: إنّ الجنوب قالت للشمال: إنّ لي عليك فضلا أنا أسري، وأنت لا تسرين. فقالت الشّمال: إنّ الحرة لا تسري وقال الهذلي:
قد حال دون دريسة ماوية ... مسع لها بعضاة الأرض تهزيز
الماويّة: التي تهبّ بالنّهار كلّه إلى اللّيل ثم تسكن، قال الله تعالى: يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ
[سورة سبأ، الآية: 10] أي: سبّحي النّهار كلّه. ومسع الشّمال والدّريس: الثّوب الخلق، والشّمال تستذري منها بأدنى شيء، ويسترك منها رحلك، وذرى الشّجرة والجنوب لا يستر منها شيء، وربما وقع الحريق بالبادية في اليبيس، فإن كانت الرّيح جنوبا احترق أياما، وإن كانت شمالا فإنّما يكون خطأ لا يذهب عرضا. وللشّمال ذرى الشّجرة، وذلك أن يجتمع التّراب من قبلها فيستذري بالشّجر، فإن كان الشّجر عظاما كانت لها جراثيم، وإن كانت صغارا ساوى التّراب غصونها، ولا ذرى للجنوب ترى ما يلي الجنوب منها عاريا مكشوفا. والشّمال تذمّ بأنّها تقشع الغيم وتجيء بالبرد، وتحمد بأنها تمسك الثرى، وتصاحب الضّباب، فتصبح عنها كأنّها ممطورة، وتصبح الغصون وتنظف وأكثر ما يكون عن غب المطر، فإذا ارتفعت الشّمس ذهب النّدى وتقطع الضّباب وانحسر، وليس من الرّياح أدوم في الشّتاء والصيف من الشّمال، كما أنّه لا شيء منها أكثر عجاجا وسحابا، لا مطر فيه وهي هيف، تقشر الأرض، ويحرق العود من النكباء التي بين الجنوب والدّبور التي تهبّ من مغيب سهيل.
وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ
[سورة الحجر، الآية: 22]
نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 523