نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 62
الأرض ومصيرها قرارا للخلق وما في خلالها من الأنهار، وما ثبت بها من الجبال، وعن البحرين والحاجز بينهما، وعن إجابة المضطر، وإغاثة الملهوف من يقيمها فيقول: من أنشأها وجعلها كذلك تكرّر التفريع، ومثل هذا من القول مع المصر الجاحد أبلغ من كل وعيد، وأوعظ من كلّ نكير. قوله تعالى: قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ
[سورة النمل، الآية: 62] يجري مجرى الالتفات في كلام البلغاء لأنه تعالى بعد تعداد آلائه عليهم وعلى جميع الخلق معهم، وبعد إظهار الآيات البيّنة وذهابهم عن المناهج المستقيمة وأنّهم لا يرجون بالنّذر ولا يرعون للعبر.
قال: بلغت المقال في نكوصهم إليهم ويقبح فيما يؤثرونه من صوابهم لديهم: قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ
، وهو لا يثبت بالقليل شيئا وإنما هو نفي خالص فكأنه قال: لا تذكرون شيئا، ويجوز أن يكون انتصاب قليلا على الظّرف وعلى أن يكون صفة لمصدر محذوف قوله تعالى: أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
[سورة النمل، الآية: 63] يريد من يسيّركم ويرشدكم إلى القصد والسّمت في تلك الحال، وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ
[سورة النمل، الآية: 63] أي أمام الغيث ناشرة، أو مبشرة، فقد قرىء نشرا بالنّون، وبشرا بالباء، ومعنى النّشر ضد الطي أي تفتح الأرض، وتعرج أطباقها للمطر والنّبات كما قال تعالى: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ
[سورة الحجر، الآية: 22] ، وختم الكلام بإعادة التّبكيت لأنّ هذه المسائل لا أجوبة لها تعالى الله عما يشركون، ثم قال تعالى: أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ
[سورة النمل، الآية: 64] جعل الخطاب في هذا الفصل، وفي فصلين قبله وهما: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ
[سورة النمل، الآية: 62] وأَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
بلفظ المستقبل بعد أن ساق في أول الفصول الكلام على بناء الماضي فقال: أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ
[سورة النمل، الآية: 60] وأَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً
[سورة النمل، الآية: 61] لأنّ بعض أفعاله تعدم وحصل محصل المستكمل المفروغ منه، وفعل ما يساء في خلقه حالا بعد حال، فهو كالمتّصل الدائم لذلك خالف الآخر الأول، وقال بعد المسائل التي رتّبها معجزاتها: قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ
[سورة النمل، الآية: 64] على مقالتكم، واستأنف تعليم النّبي صلى الله عليه وسلم بما يورده عليهم في إنكارهم البعث واستعجالهم من النّشور بعد الموت لما قالوا: أَإِذا كُنَّا تُراباً
[سورة النمل، الآية: 67] وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ
[سورة النمل، الآية: 67] لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ
[سورة النمل، الآية: 68] فقال تعالى: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ
[سورة النمل، الآية: 65] فما غاب عنكم كيف تحكمون عليه بالبطلان والامتناع، وقد استوى المخلوقون في استبهام أمر الساعة عليهم فلا يشعرون متى يبعثون ألا تسمع قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ
[سورة الأعراف، الآية: 187] وإذا
نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 62