نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 85
إلى أنهم قد صولحوا على شركهم وهو من أعظم الحدود التي يأبون ويتأولون في رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين على أنّ ذلك كان قبل أن يؤخذ منهم الجزية والمقارة على شركهم وفي هذا القدر بلاغ للمتأمّل.
فأمّا الكلام في المعرفة بالله تعالى ووجوبها وبيان فساد قول القائلين بالإلهام فإنا نذكر طرفا منه ونقول: اختلف النّاس في ذلك فزعم قوم أنّ المعرفة لا يجب على العاقل القادر وأنّها تحدث بإلهام الله تعالى وكل من لم يلهمه الله المعرفة به فلا حجة عليه ولا يجب عليه وقالوا: إنّ الذين قتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا كفارا وإنّما قتلوا على سبيل المحنة، كما يقتل التّائب والطّفل ولا يجب عليهم عقاب لأنّ الله تعالى لا يجوز أن يغضب وعلى من لم يرد إغضابه.
وقال الجاحظ: إنّ المعرفة غير واجبة ولكنّها تحدث بالطبع عند النّظر، وقال: إنّ الذين قتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا عارفين بالله معاندين واحتج بقوله تعالى: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ
[سورة النمل، الآية: 14] وقال لا يأخذ الله الإنسان بما لم يعلم ولا بما أخطأ فيه ألا تراه يقول تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ
[سورة البقرة، الآية: 225] واستدلّوا على صحة مذهبهم بأن قالوا إن الاعتقاد لا يعلم أنه حسن أو قبيح حتى يعلم أنّه علم أو ليس بعلم فإذا علم أنّه علم فقد علم المعلوم لأنّ العلم بالعلم علما هو علم بالمعلوم فإذا علم المعلوم فقد استغنى عن اكتساب العلم به وإن كان لا يعلم أنه علم فإذا لا يجب على هذا الإنسان فعل ما لا يأمن أن يكون قبحا.
وقال أكثر أهل العلم إن المعرفة واجبة وهي من فعل الإنسان وإنّ أول المعرفة يقع متولدا عن النظر ولا يجوز أن يقع مباشرا ثم ما بعد ذلك لا يجوز أن يقع مباشرا وأنّ كلّ من أكمل الله عقله وعرّفه حسن الحسن وقبح القبيح فلا بدّ من أن يوجب عليه المعرفة به، وأن يكلفه فعل الحسن وترك القبيح وبعضهم يضيف إلى هذه الجملة وقد جعل شهوته فيما قبحه في عقله ونفور نفسه عما حسنه في عقله.
ويستدل على وجوب معرفة الله فإنه لا يخلو من أن يكون قد كلّفنا الله لحسنها وقبّح الذّهاب عنها أو لم يكلّفنا وتركنا مهملين، فإن كان قد كلّفنا فهو الذي يزيد، وإن كان تركنا سدى فإنّ الإهمال لا يجوز عليه. ويقال أيضا: نحن نرى على أنفسنا آثار نعم، ونعلم وجوب شكر المنعم، فإذا يجب أن نعرف المنعم لنشكره.
واعلم أنّ المعجز هو ما لا يقدر عليه في صفته أو في جنسه، فأمّا لا يقدر عليه في جنسه فهو مثل إحياء الموتى وأمّا ما لا يقدر عليه في صفته فهو فلق البحر. لأنّا نقدر على تفريق
نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 85