نام کتاب : الأسلوب نویسنده : الشايب، أحمد جلد : 1 صفحه : 159
مزاج، ولهذا نرى ألفاظ أبي تمام كأنها رجال قد ركبوا خيولهم واستلأموا سلاحهم وتأهبوا للطراد، وترى ألفاظ البحتري كأنها نساء حسان عليهن غلائل مصبغات وقد تحلين بأصناف الحلي".
وهذا القانون طبعي في الخطابة والكتابة إذ كانت شخصية الأديب تتخذ من هذه العناصر اللفظية وسيلة للتعبير عن طبيعتها وعرض مزاياها.
1- فإذا رجعت[1] إلى هؤلاء الشعراء الثلاثة "أبي تمام، والبحتري، والمتنبي" وهم يعتبون. تبين لك: رقة البحتري، وجزالة أبي تمام، وقوة المتنبي في الألفاظ المفردة، ثم سهولة البحتري وتدقيق أبي تمام وصرامة المتنبي في الجمل، والبحتري بعد ذلك سلس العبارة عذب الموسيقى له، ديباجة الحرير واطراد الماء الجاري. وأبو تمام محكم العبارة. مركب الموسيقى بطيء متئد يتقن الصنعة، ويؤلف التراكيب بحكم العقل، وأما المتنبي فعبارته كخطته في الحياة، سريعة موجزة عجلى، لا تبالي بما قد تتعثر فيه من أخطاء وتعقيد، فاضطراب العبارات عند أبي تمام نتيجة صنعته المقصودة، وهو عند المتنبي ثمرة سرعته الشديدة وهجومه العنيف أو -كما يرى بعض النقاد- مفارقات محبوبة، ومع ذلك فاقرأ هذه الأمثلة للبحتري:
ذاك وادي الأراك فاحبس قليلا ... مقصرًا من صبابةٍ أو مطيلا
قف مشوقًا أو مسعدًا اوحزينًا ... أو معينًا أو عاذرًا أو عذولا
إن بين الكثيب فالجزع فالا ... رام ربعًا لآل هند محيلا
لم يكن يومنا طويلا بنعما ... ن ولكن كان البكاء طويلا
تجد العبارات متدفقة متواصلة، تمر كالنسيم العليل أو الألحان العذبة، [1] راجع الفصل الثالث من هذا الباب.
نام کتاب : الأسلوب نویسنده : الشايب، أحمد جلد : 1 صفحه : 159