نام کتاب : الأسلوب نویسنده : الشايب، أحمد جلد : 1 صفحه : 173
فكان من ذلك، ولأسباب أخرى، أن نشطت حركة النقد، وانتصر جماعة لكل فريق، واختلف الباحثون حول هذه المسألة: أين تقع البلاغة؟ أفي اللفظ أم في المعنى أم فيهما معًا؟ وأي هذين الفريقين من الشعراء أظفر بعمود الشعر، وأجدر بالاحترام؟ وخلاصة ما يحتج به أنصار اللفظ[1] أن المعاني معروفة للناس سهلة الإدراك، يكفي أن تكون صحيحة، ولكن البراعة البيانية إنما هي في الألفاظ وصوغ العبارات، وأما أنصار المعاني فيقولون[2]: إن المعنى هو المقصود بالأداء، وهو مجال الابتكار، وحسن التصور، واللفظ تابعه في ذلك فجماله من جماله، ويدور جهد عبد القاهر الجرجاني على أن البلاغة في الأسلوب تنتهي إلى نظم الكلام وفق حاجة المعنى، وبذلك تتحقق المطابقة بينهما، ويكتسب اللفظ حسنه بصدق أدائه.
ولكنك عرفت أن هذه المسألة قد فصل فيها الآن، وأن البلاغة تقوم على حسن التعبير كما ترتكز على قيمة التفكير[3].
4- وعلى الرغم من ذلك فقد وجد من الأدباء من يؤثر اللفظ على المعنى، فيجعله غايته ومتجه عنايته، ويقصد إليه؛ فأما أن يجعله -في الشعر- فخمًا مجلجلًا؛ لا يتناسب مع معناه كابن هانئ الأندلسي حيث يقول:
أصاخت فقالت: وقع أجرد شيظم
وشامت فقالت: لمع أبيض مخذم4 [1] راجع مقدمة ابن خلدون؛ ص856، والصناعتين ص55. [2] راجع دلائل الإعجاز ص40، 70، 307، 320. طبعة المنار. [3] صحيفة دار العلوم ج2 من السنة الثانية ص30 للمؤلف، وفيض الخاطر لأحمد أمين، ص301.
4 أصاخت: أصغت. أجرد شيظم: الفرس الفتي، شامت: نظرت، أبيض مخذم: سيف قاطع.
نام کتاب : الأسلوب نویسنده : الشايب، أحمد جلد : 1 صفحه : 173