نام کتاب : الأسلوب نویسنده : الشايب، أحمد جلد : 1 صفحه : 24
وغايتها، على أنها جميعا تصدر عن الإنسان وترمي إلى تهذيبه كذلك، وقد رأيت أنها جميعًا تندرج تحت هذا المعنى العام لكلمة الأدب.
2- كذلك لا تتعارض هذه الفنون من حيث صلتها بقوى النفس الإنسانية فالخطابة مثلا تغذي الفكر والعاطفة وإن كانت تتجه إلى الإرادة اتجاها أساسيًّا مقصودًا لذاته، فهي تستخدم هاتين القوتين لتنفذ خلالهما إلى الإرادة لتبعثها وتحمل صاحبها على العلم، كذلك الشعر يؤثر في الفكر والإرادة مباشرًا وغير مباشر، لما فيه من الحقائق والعواطف، وبخاصة إذا كان شعرًا خطابيًّا تهذيبيًّا، والنثر العلمي يتجه بحقائقه مباشرة إلى الفكر، ولكن الحقائق عماد العاطفة وسبب قوتها وصدقها، وهي كذلك أساس العقيدة التي تتكئ عليها الإرادة ونتيجة ذلك أن أي هذه الفنون يؤثر في قوى النفس جميعا وإن تفاوتت الآثار بتغير الفنون فهي متعاونة متواصلة شأن القوى النفسية ذاتها.
3- ويقال نحو ذلك بالنسبة لطبقات الناس وبيئاتهم، فكما أن هذه الطبقات الإنسانية -مهما تختلف مواهبها في الدرجة- ذات وحدة روحية أو نفسية عامة، وبينها قدر مشترك منها مهما تتباين بها الأزمنة والأمكنة، كذلك الفنون الأدبية، يجد كل نوع بل كل فرد في أي نوع منها ناحية تغذي نفسه وتؤثر فيه، فالناس جميعا لهم عقول، وعواطف، وعزائم، والفنون فيها ما يفيد المرأة ويثير الرجل، وفيها ما ينفع الشاب ويهيج الفيلسوف، وفيها ما يشجي الجنيد ويستفز الحليم، إذا كان الأدب صادرًا عن الإنسان ومتجهًا إلى الإنسان.
4- وسنرى في غضون هذا البحث أن صفة القوة ألزم للأسلوب الحضاري، والوضوح أظهر في الأسلوب العلمي، والجمال أخص صفات الأسلوب الأدبي، فليس معنى ذلك أن الخطابة تستغني عن الوضوح أو الجمال وإلا فلن تفهم، ولن يحتملها الناس، فتفقد إقناعها وتأثيرها، وبذلك لا تتحقق غايتها العملية،
نام کتاب : الأسلوب نویسنده : الشايب، أحمد جلد : 1 صفحه : 24