نام کتاب : الإمتاع والمؤانسة نویسنده : أبو حيّان التوحيدي جلد : 1 صفحه : 215
وقال: كما أن لكل عضو قوة تخصه بتدبيرها، كذلك لجميع البدن قوّة أخرى ضامنة لتدبيره.
قال: وقال الحكيم في كتاب «السماء» : علّة الأنواع والأجناس ودوامها هي الفلك المستقيم، وعلة كون الأشخاص وتجدّد حدوثها هي الفلك المائل، فأما الكلّيات المنطقية فإن طبيعتها هي القوة القياسية المستتبّة لها عند تكوّن الحسّ على واحد منها.
قال أبو النضر نفيس: هذا حكم بالوهم، ورأيّ خرج من الظّنّ، الفلك المستقيم والفلك المائل هما بنوع الوحدة ونسبة الاتّفاق، فليس لأحدهما اختصاص بالأنواع والأجناس، ولا بتجدّد الأشخاص، والدليل على هذا أن قالبا لو قلب قالبه ذلك لم يكن له عنه انفصال. وللرّأي زلّات، كما أنّ للّسان فلتات، وللحكيم هفوات، كما أنّ للجواد عثرات، وما أكثر من يسكر فيقول في سكره ما لا يعرف، وما أكثر من يغرق في النوم فيهذي بما لا يدري، ومن الذي حقّق عنده أنّ الفلك المستقيم هذا نعته، والفلك المائل تلك صفته، هذا توهّم وتلفيق، لا يرجع مدّعيه إلى تحقيق، وقول أبي الحسن هذا عن الحكيم تقليد، كما أنّ دعوى ذاك الحكيم توهّم، ومحبّة الرّجال للرّجال فتنة حاملة على قبول الباطل، وبغض الرّجال للرّجال فتنة حاملة على ردّ الحق؟ وهذا أمر قد طال منه الضّجيج، وفزع إلى الله منه بالتضرّع.
قال أبو الحسن: الموجود له حقيقة واحدة لا تدرك إلّا عقلا، وليس له مبدأ، ولو كان له مبدأ لشاركه المبدأ في طبيعة الوجود، وليس بمتحرّك لأنه لا مقابل له فيتحرّك إليه.
وقال أبو النضر نفيس: عنى بهذا الموجود الحقّ الأوّل الّذي هو علّة العلل، وهو البارئ الإله، وما أنصف، لأنّه يجب أن يقسم الموجود بأقسامه، ويصف مرتبة كلّ موجود على ما هي عليه وعلى ما هو به حتى ينتهي من هذا الموجود الأعلى إلى آخر الموجود الأسفل، أو يصف الموجود الأسفل حتى يرتقي إلى هذا الموجود الأعلى، فإنّه ممّا يعقل ويحسّ إلّا وله من هذا الوجود نصيب به استحقّ أن يكون موجودا، وإن كان ذلك النّصيب قليلا.
وقال: قد يوصف الشيء بأنه واحد بالمعنى وهو كثير بالأسماء، ويوصف بأنّه واحد بالاسم وهو كثير بالمعنى، ويوصف بأنه واحد بالجنس وهو كثير بالأنواع، ويوصف بأنه واحد بالنّوع وهو كثير بالشّخوص، ويوصف بأنه واحد بالاتّصال وهو كثير بالأجزاء، وقد نقول في شيء: إنه واحد بالموضوع وهو كثير بالحدود، كالتّفاحة الواحدة التي يوجد فيها اللّون والطّعم والرائحة، وقد يكون واحدا في الحدّ وكثيرا في الموضوع، كالبياض الذي يوجد في الثّلج والقطن والإسفيداج، وقد يكون كثيرا بالحدّ
نام کتاب : الإمتاع والمؤانسة نویسنده : أبو حيّان التوحيدي جلد : 1 صفحه : 215