نام کتاب : الإمتاع والمؤانسة نویسنده : أبو حيّان التوحيدي جلد : 1 صفحه : 295
الناس، نفسه منه في بلاء، ثم زوجته، ثم ولده، ثم خدمه، وإنّه ليدخل وهم في سرور فيتفرّقون فرقا منه، وإنّ دابّته لتحيد عنه إذا رأته، ممّا ترى منه، وكلبه ينزو على الجدار، وقطّه يفرّ منه.
وكان على باب ابن كيسان مكتوب: ادخل وكل.
وكانت عائشة رضي الله عنها تقول في بكائها على النبي صلّى الله عليه وسلّم: بأبي من لم ينم على الوثير، ولم يشبع من خبز الشّعير.
وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله لم يخلق وعاء ملئ شرّا من بطن، فإن كان لابدّ فاجعلوا ثلثا للطعام، وثلثا للشراب، وثلثا للرّيح» .
قال الشاعر:
ليسوا يبالون إذا أصبحوا ... شبعى بطانا حقّ من ضيّعوا
ولا يبالون بمولاهم ... والكلب في أموالهم يرتع
وحكى لنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بجرجان- إمام الدّنيا- قال: رأيت أبا خليفة المفضّل بن الحباب، وقد دعي إلى وليمة فرأى الصّحاف توضع وترفع، فقال:
أللحسن والمنظر دعينا، أم للأكل والمخبر؟ فقيل: بل للأكل والمخبر، قال: فاتركوا الصّحفة يبلغ قعرها.
وكان سليمان بن ثوابة ضخم الخوان، كثير الطّعام، وافر الرّغيف، وكان معجبا بإجادة الألوان، واتّخاذ البدائع والطّرائف والغرائب على مائدته، وكانت له ضروب من الحلوى لا تعرف إلّا به، وكان خبزه الذي يوضع على المائدة الرغيف من مكّوك دقيق، ولذلك قال أبو فرعون العدويّ:
ما النّاس إلا نبط وخوزان ... ككهمس أو عمر بن عمران
ضاق جرابي عن رغيف سلمان ... أير حمار في حر أمّ قحطان
وأير بغل في است أمّ عدنان
وعشق رجل جارية روميّة كانت لقوم ذوي يسار، فكتب إليها يوما: جعلت فداك، عندي اليوم أصحابي، وقد اشتهيت سكباجة بقريّة فأحبّ أن توجّهي إلينا بما يعمّنا ويكفينا منها، ودستجة من نبيذ لنتغذّى ونشرب على ذكرك، فلما وصلت الرّقعة وجّهت إليه بما طلب، ثم كتب إليها يوما آخر: فدتك نفسي، إخواني مجتمعون عندي، وقد اشتهيت قليّة جزوريّة فوجّهي بها إليّ وما يكفينا من النّبيذ والنّقل، ليعرفوا منزلتي عندك، فوجّهت إليه بكل ما سأل، ثم كتب إليها يوما آخر: جعلت فداك، قد اشتهيت أنا وأصحابي رؤوسا سمانا، فأحبّ أن توجّهي إلينا بما يكفينا، ومن النبيذ بما
نام کتاب : الإمتاع والمؤانسة نویسنده : أبو حيّان التوحيدي جلد : 1 صفحه : 295