أبو عليّ البلعميّ، فاتصل بهذا الوزير وصحبه «فلم يحمد صحبته» [42] . ولا يبعد أن يكون الخوارزمي قد تأفّف من هذه الصّحبة أمام من سعى بقوله إلى البلعمّي، فخرج توقيعه بتقريع أبي بكر ولومه، فكتب إليه أبوبكر يعاتبه: «ذكر الشيخ أني تنقّلت بعرضه المصون، وتمندلت بقدره المكنون المخزون، وقد كنت أحسب الشيخ أمنع على السعادة جانبا ... » [43] . فما أجدى العتاب، بل كثرت- على ما يظهر- رقاع البلعمّي إليه بما هو أكثر من التقريع الأوّل حتى بدا صاحبنا حائرا لا يعرف كيف يداري ما هو فيه [44] .
على أنه حاول أن يلاين البلعميّ، وأن يستعيد ودّه، إلّا أنه لم ينجح في ذلك فقرّر أن يفارق حضرته إلى نيسابور، وفعل، فلما أن وردها كتب منها إليه كتابا يقرّعه فيه، ويشرح أسباب الخلاف بينهما، فقد كان يرغب البلعميّ أن يعامله صاحبه على أنه وزير، وشاء الخوارزميّ أن يعامله- وقد طالت العشرة- على أنه نظير [45] .
وينبغي لنا أن نحمل حديث أبي بكر عن طول العشرة، وعن أنّه خرج عن حدّ الشبيبة في هذا الكتاب على محمل المبالغة التي من شأنها أن تثبت له حقّا على الوزير. [42] اليتيمة 4: 204، وينظر نصّ بروكلمان في تاريخه 2: 110 على أنّ البلعميّ «وزير آل سامان» . [43] : 119. و «تنقّلت ... وتمندلت ... » كناية عن الغيبة. [44] السابق: 120. [45] السابق: 42- 44.