ورأى فيه مكيدة قصاراها أن تعود به إلى ما كان عليه.
ومكث أبوبكر في حضرة الصاحب يجدّد عهده القديم بصاحبه، ولكنّ هذا المكث لم يكن طويلا، ولعلّه لم يبلغ السّنة، فقد قتل خصمه الوزير أبو الحسين العيبي، وقام مقامه أبو الحسين المزني وزيرا «وكان من أشدّ الناس حبّا للخوارزمي، فاستدعاه وأكرم مورده ومصدره، وكتب إلى نيسابور في ردّ ما أخذ منه عليه، ففعل، وزادت حاله» [101] .
وعاد صاحبنا إلى داره في نيسابور، وإلى نسق حياته فيها قبل نكبته حتى بلغ عدد تلاميذه في هذه المرحلة شيئا كثيرا [102] . وكان ذلك في سنة 372 هـ[103] .
ولكنّ عقارب الخصومة السياسيّة لم تكن لتهدأ- كما يبدو- وما كان لها أن تهدأ، لأنّ دواعيها ما زالت قائمة، إذ هي لم تكن قائمة على حزازة شخصيّة تموت بموت صاحبها أو بهلاك أصحابها، ولم يكن المقدّر أن تسلك مثل هذه الخصومة طريقا مباشرا واضحا إليه بعد إذ بسط عليه الوزير المزنيّ ظلّه، فكان أن دبّرت له مكيدة المناظرة بينه وبين بديع الزمان الهمذاني عسى أن يخمل ذكره، «وأعان الهمذانيّ ... عليه قوم من الوجوه كانوا مستوحشين منه جدّا» ؟ [104] . [101] اليتيمة 4: 208. [102] ينظر معجم الأدباء 1: 104، وكشف المعاني: 40. [103] ينظر الكامل 7: 109. [104] اليتيمة 4: 208- 209؛ ومعجم الأدباء 1: 101.