وتقول: ما الشأن في قوله الذي سبق: «بآمل مولدي ... » ؟ فأقول:
إنّ الذي يغلب على ظنيّ أن البيت موضوع على أبي بكر منسوب إليه، لا لضعف تركيبه النحويّ في قوله: « ... وبنو جرير فأخوالي» إذ أنه ليس من موجب لهذه الفاء إلا أن تكون فاء الزّينة، وإنما لشيء آخر هو أن واضع البيت لم يكن يريد أن يقرّر مكان مولده، وإنما كان يريد تقرير مذهبه ليصل من ورائه إلى تقرير مذهب محمد بن جرير الطبريّ، فقد ورد بعده:
فها أنا رافضي عن تراث ... وغيري رافضي عن كلاله
ولست أستبعد أن يكون أحد الحنابلة هو الذي نحل أبابكر هذين البيتين، ونسبهما إليه، غرضه من ذلك أن يثبت دعوى الحنابلة على الطبريّ أنّه شيعي. أما صلة أبي بكر به فقد درجت المصادر أن تقول عنه: إنّه ابن أخت الطبريّ صاحب التاريخ والتفسير [4] . وإذا، فليس أبلغ في إثبات الدعوى من أن يشهد ابن أخته على صحّتها، فليس أحد أعلم من أبي بكر بمذهب خاله، وذلك أنّه كان للطبريّ « ... مذهب في الفقه اختاره لنفسه» [5] ، ولم يكن الحنابلة- بوجه خاص- ليرضوا عن هذا المذهب، حتى إنّه يوم توفي- وهو ما هو [4] ينظر الأنساب: 210 و؛ ووفيات الأعيان 4: 192؛ وبغية الوعاة 1: 125؛ وشذرات الذهب 3: 105. وتابع هذا القول من المعاصرين مصطفى الشكعة في «بديع الزمان» : 82؛ وشوقي ضيف في «الفن ومذاهبه في النثر العربي» : 230 وبرو كلمان في «تاريخ الأدب العربي» 2: 110؛ وزيدان في «تاريخ آداب اللغة العربية» 1: 582. [5] الفهرست: 291.