وجاء حتى نزل ببدر وكانت سوقا تقام فى كل سنة ثمانية أيام، وخرجت قريش تريده وهم ما بين تسعمائة والف، وخيلهم مائة، وكان أول طالع منهم زمعة بن الأسود، فقال رسول الله «صلّى الله عليه وسلم» (اللهم أنك أنزلت على الكتاب وأمرتنى بقتال المشركين ووعدتنى احدى الطائفتين وأنت لا تخلف الميعاد وهذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك اللهم أحنهم «1» الغداة) فاستجيب له فيهم، فهزموا وقتل صناديدهم وأسروا، فكان القتلى سبعين والأسرى سبعين، وقيل أربعين وأربعين.
وضرب عنق النضر ابن الحارث، وهو أول من ضرب عنقه فى الاسلام فقالت ابنته ترثيه: وتخاطب رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- أمحمّد ها أنت صنو «2» نجيبة لنجيبة والفحل فحل معرق
ما كان ضرّك لو مننت وربّما ... منّ الفتى وهو المغيظ المحنق «3»
فقال صلّى الله عليه وسلم: لو سمعت شعرها ما قتلته «4» ، فلما قسم غنائمهم أخذ سيف منبه بن الحجاج،- وهو ذو الفقار- فتقلده فكان أول سيف تقلده، وأخذ أيضا جملا مهريا لابى جهل صفّية، فجعله فيما أهدى الى مكة، فهابت قريش من يومئذ جانب المسلمين، فتركت الطريق التى كانت تسلكها الى الشام، واستأجرت رجلا يقال له الفرات بن حيان، فخرجوا بتجارة عظيمة، فبعث رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة فأصابها، وورد بها المدينة، فقال حسان ابن ثابت: يذكر الفرات بن حيان حين انصرف رسول الله من بدر ومعه فرسان