فوجدته لا يسع بنى عمى، فأردت ان أجيئك بعشرة منهم تعطيهم هذه العطية، وتكسوهم هذه الكسوة، فيكون معروفك عند عشرة، فقال: مرحبا بهم، عجل بهم، وبعث الى البواب ان خل سبيله، فمر عمرو يتلفت حتى أمن، وندم على ما فعل ولم يفارقه حتى صالحه، فلما أتى به الى عمرو قال: وأنت هو؟ قال: نعم، على ما كان من غدرك.
وسار حتى أتى فسطاط «1» - وقد خندق أهلها- فأقام عليهم، وقدم الزبير بن العوام فى خمسة آلاف، وقال: جئت أميرا على الجماعة. فقال عمرو بن العاص: بل جئت مددا، ثم اتفقا أن يكون كل واحد منهما أميرا على أصحابه، وخرج المشركون فهزمهم المسلمون، ودخلوا حصنهم فحاصروهم، وقال الزبير: ما نطاول «2» قوما فى ديارهم، يأتيهم أمدادهم، ووضع سلما على الحصن وصعد، وصعد الناس ففتحوه عنوه. «3»
وقيل بل فتحوه صلحا على كل رأس دينار، ولكل رجل من المسلمين جبة صوف، وبرنس «4» وعمامة وخفان، ولهم الاتباع نساؤهم وأولادهم، وذلك سنة عشرين، فأقام عمرو بها أميرا أربع سنين، ثم اجتمع العدو بين مصر والاسكندرية، فسار اليهم عمرو فى عشرة آلاف، على مقدمته شريك بن سحماء فى ألفين فانهزم الاعداء ودخلوا الاسكندرية، فحاصروها ثلاثة أشهر، فكادوه، «5» فأقاموا النساء على الحصن، ناشرات شعورهن، ووجوههن الى المدينة، عليهن السلاح، والرجال مقبلون عليه يقاتلونه، يخوفونه بكثرة العدد، فناداهم عمرو فقال: