قال الكميت:
أبونا الّذى سنّ المئين لقومه ... ديات وعدّاها سلوفا «1» مئينها
فسلّمها واستوثق النّاس للّذى ... تعلّل لمّا سنّ فيها حروبها
غنائم لم تجمع ثلاثا وأربعا ... مسائل بالإلحاق شتّى ضروبها
وقال أبو اليقظان: اول من سنها كذلك أبو سيارة العدوانى، وهو الذى كان يفيض بالناس من المزدلفة الى منى على حمار أسود أربعين سنة، فقالت العرب: أصح من عير «2» أبى سيارة، فجرت مثلا قال: وكان من دعائه اللهم حبب بين نسائنا، وبغض بين رعاتنا، واجعل المال فى سمحائنا.
وكان خالد بن صفوان والفضل الرقاشى يختاران ركوب الحمير، ويجعلان أبا سيارة قدوة فيه. قال بعضهم لخالد وهو على حمار: ما هذا الركب؟ قال: عير من نسل الكداذ «3» اضم السربال، مفتول الاجلاد «4» ، محملح القوائم، يحمل الرحلة، ويبلغ العقبة، ويقل داؤه، ويخف دواؤه، ويمنعنى أن أكون جبارا فى الأرض أو أكون من المفسدين، ولولا ما فى الحمار من المنفعة، ما امتطى أبو سيارة ظهر عير أربعين سنة.
وأما الفضل فانه سئل عن ركوبه الحمار فقال: أقل الدواب مؤونة، وأسهلها جماحا، وأسلمها صريعا، وأحفظها مهوى، واقربها مرتعا، يرى راكبه وقد تواضع بركوبه، ويسمى مقتصدا وقد أسرف فى يمنه، ولو شاء أبو