أحب أن الغوطة «1» دحست- أى ملئت- ويقال: ملئت دحاس اذا كان مملوءا ناسا رجالا كلهم مثلك لى به، فقال يزيد: يا أمير المؤمنين ابن أختك، وله حق ورحم، وقد عتب فاعتبه، وسأل أمرا فسوغه «2» ، فولاه خراسان، فسار حتى قدم نيسابور، «3» وكان معه مالك بن الريز «4» فقال:
رأيت سنا نار بنيرين «5» أوقدت ... ورجلى بنيسابوريا بعد منظرى
ثم قطع النهر، وأول من قطعه من أصحابه رفيع أبو العالية، فقال سعيد:
رفعه وعلا، ثم أتى سمرقند، «6» وأقام عليها، وحلف لا يبرح حتى يدخلها، ويرمى القهندر، فخرج اليه أهلها ثلاثة أيام، فقاتلوه، فقال بعض أصحابه:
فباشر فى الحرب المنايا ولا ترى ... لمن لم يباشرها من الموت مهربا
أخو غمرات لا يروّع جاشه «7» ... اذا الموت ارتدى وتعصّبا
ففقئت عين المهلب بالطالقات، ثم لزم العدو المدينة فلم يخرجوا لقتاله، وطال مقامه، فدل على حصن فيه أبناء ملوكهم، فصار اليهم فحاصرهم، فخاف العدو أن ظفر بهم أن يقتلهم، فصالحوه على أن يدخل البلد، ويرمى القهندر، «8» وأعطوه رهناء، فدخل ورماه بحجر فدخل فى بعض كواته، فتطيروا منه، وقالوا: قد ثبت أمر العرب، ثم قفل حتى أتى