فصله، وجاء به ضميراً منفصلاً في آخرِ البيت، لضرورة الشعر، وهو لفظ "هُمُ" وهذا من العيوب المخلّة بالفصاحة.
(3) قول الفرزدق:
بِالْبَاعِثِ الْوَارِثِ الأَمْواتِ قَدْ ضَمِنَتْ ... إِيَّاهُمُ الأَرْضُ في دَهْرِ الدَّهَاريرِ
فجاء بالضمير المنفصل "إيّاهُمْ" مع إمكان مجيء الضمير المتصل، لضرورة الشعر، وهذا من العيوب المخلّة بالفصاحة.
والمعنى: أحلف بالله الباعث الوارث الأموات قد ضَمِنَتْهم، أي: احتوتْهُمُ الأرض في دهْرِ الدّهارير.
في دَهْرِ الدَّهَارير: أي: سالف الأزمان، كلمة "الدهارير" تأتي بمعنى أوّل الدهر في الزمان الماضي "لا واحد لها من لفظها"
(4) قول أبي الطيّب المتنبي، يمدحُ بدر بن عمّار:
خَلَتِ الْبِلاَدُ مِنَ الْغَزَالَةِ لَيْلَها ... فَأَعَاضَهَاكَ اللهُ كَيْ لاَ تحْزَنَا
الغزالة: الشمس.
يقول المتنبّي لممدوحه: خَلَت البلاد من الشمس في وقْتِ لَيْلِها، فجَعَلَكَ اللهُ لهَا عِوَضاً عن الشَّمس، لكيلا تحزن البلاد على فراق ضوءِ الشمس.
قال النحاة: إذا اجتمع ضمير المخاطب والغائب فالواجبُ تقديم ضمير المخاطب على ضمير الغائب، وهذا ما نصّ عليه سيبويه.
وكان على المتنبيّ أن يقول: فأعاضَكَها" بدل "أعَاضَهَاكَ" ولكن ضرورة الشعر ألجأته إلى ما قال.
بيد أنَّ العبّاس محمّد بن يزيد المبرَّد يجيز ما فعل المتنبّي.