(2) وقولُ الْفَرَزْدَق أيضاً يمْدَحُ الوليد بن عبد الملك:
إِلَى مَلِكٍ مَا أُمُّهُ مِنْ مُحَارِبٍ ... أَبُوهُ وَلاَ كَانَتْ كُلَيْبٌ تُصَاهِرُهُ
يريد: إلى مَلِكٍ أَبُوه ليستْ أُمُّه مِنْ مُحَارِبٍ، فقدّم وأخَّرَ فأبْهَمَ المعنى وألْغزَ وأفْسَد.
(3) ومن أقبح أمثلة هذا التعقيد اللفظي، قول أحدهم يصِفُ دياراً درَسَتْ وعفَتْ آثارُها:
فَأَصْبَحَتْ بَعْدَ خَطّ بَهْجَتِهَا ... كَأَنَّ قَفَراً رُسُومَهَا قَلَماً
أي: فأصبَحَتْ بعد بَهْجَتِهَا قَفْراً، كأنَّ قَلَماً خطَّ رُسُومَها.
ويبدو أنّ هذا البيت مصنوعٌ لإِبراز قباحة التعقيد اللفظي، إذْ ليس من المعقول أن يقوله ناطق عربي له فكرٌ ما.
***
رابعاً:
شرح العيب الرابع: "التعقيد المعنوي" ويكون باستخدام لوازم فكرية بعيدة، أو خفيّةِ العلاقة، أو استخدام كنايات من الْعَسيرِ ِإدراكُ المراد منه، لعدم اقترانها بما يشير إلى دَلالاتها المرادة، فَيَنْجُم عَنْهُ خفاءُ دلالة الكلام، وصعوبَةُ التوصُّلِ إلى معرفةِ المراد منه من قِبَلِ أهل الفكر والاستنباط، أو منْ قبَل المخاطبين به إذا كان المخاطبون به دون مستَوى أهْلِ الفكر والاستنباط.
الأمثلة:
(1) ذكروا من الأمثلة على التعقيد المعنويّ قولَ العبّاسِ بن الأحنف:
سَأَطْلُبُ بُعْدَ الدَّارِ عَنْكُمْ لِتَقْرُبُوا ... وَتَسْكُبُ عَيْنَايَ الدُّمُوعَ لِتَجْمُدا
أي: سأطْلُبُ بُعْدَ الدّار عنكم وأتحمَّلُ آلاَمَ الفراق وأصْبِرُ عليه، لأنّ عاقبة