* فلمّا كذَّبَهُما القومُ عزَّزَهُما اللهُ برسولٍ ثالثٍ، وقالُوا لهم: {إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ} فجاء الإِخبارُ مؤكِّداً تأكيداً متوسطاً، لأنّ إنكار القومِ كانَ في بدايته.
والتأكيدُ في هذِهِ الجملة الخبريّةِ قد جاء بحرف التأكيد "إنّ" ويمكنُ أن نفهم من تقديم [إليكم] على عامله [مُرْسَلُون] تأكيداً آخر، لأنّ فيه معنى القصر، أو زيادةَ الاهتمام، وكلاهُمَا يفيد تأكيداً، والمؤكد الثالث كون الجملة جُملةً اسميّة.
* ولمّا أصرّ القومُ علَى تكذيب الرّسُل الثلاثة، زاد الرُّسُل جملتهم الخبريّة تأكيداً، فقالوا: {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} .
والمؤكدات في هذه الجملة هي:
(1) {رَبُّنَا يَعْلَمُ} فهذه العبارة بمثابة القسم.
(2) "إنّ" وهو حرف تأكيد.
(3) اللاّم المزحلقة للخبر في عبارة {لَمُرْسَلُونَ} .
(4) كون الجملة جملةً اسميّة.
مخالفة مقتضى الظاهر:
إذا أوردنا الخبر لخالي الذّهْنِ مجرّداً من المؤكدات، وللمتردّد الشاكّ مقروناً ببعض المؤكّدات استحساناً، وللمنكِر مقروناً بالمؤكدات بحسب درجة إنكاره وجوباً بلاغيّاً، كان إيرادُنا الخبر جارياً على مقتضى الظاهر، وهذا يُسمَّى "إخراج الكلام على مقتضى الظاهر".
وقد تقتضي حالةُ المخاطب الخفيَّة غيرُ الظاهرة تأكيد الخبر له، مع أنّ توجيه الخبر له كان بصورة ابتدائيّة لا تستدعي بحسب الظاهر تأكيد الخبر له، فحين نُؤكِّدُ له الخبر ملاحظين حالته الخفية، فإنّا نُوجّه له الخبر مؤكَّداً على