لكنّ هذه البدائل ليستْ سواءً في دلالاتها، حتّى يأخذَ منْها ما يشاء لما يشاءُ، دون اختيار وانتقاء لما يراه أكثر ملائمة وأداءً لما يريد توصيله من المعاني، أو التعبير عنه.
لذلك كان لابدّ من رسم معالم هذه البدائل، وتوضيح فروق دلالاتها، حتَّى ينتقي منها منشىء الكلام لكلامه ما هو الأحكام بياناً، والأفضل لتحقيق ما يريد توصيله من معاني، رجاء أن يكون كلامه أكثر بلاغة، وأتقن اختياراً، وأوفى دلالة على المعاني التي يريد التعبير عنها.
***
(2) دواعي اختيار النكرة
عرفنا أنّ النكرة ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما يطلق على القليل والكثير، ومعناه شائع في جنسٍ أو نوع، أو صنف، أو نحو ذلك، مثل: "ماء - تراب - ريح".
وهذا القسم يراد منه غالباً المعنى الشائع قلّت وحداته أو كثرت، وعند إرادة تحديد الكميّة أو وصفها بالقلة أو الكثرة أو نحوهما يُضاف في البيان ما يُراد بيانه.
ولامعنى لجمع هذا القسم ما دام يطلق على القليل والكثير، إلاَّ إذا أريد بالجمع الأنواع أو الأصناف أو نحو ذلك.
القسم الثاني: ما يطلق على مفرد شائع دون تعيين، وهذا القسم صالح لأن يراد به معنى الجنس أو النوع أو الصنف أو نحو ذلك، وأن يراد به معنى الإِفراد على وجه الخصوص، وفي هذه الحالة يحسن تأكيد معنى الإِفراد بالوصف بأنه واحد، ومنه قول المشركين في تعجُّبهم من فكرة التوحيد التي جاء بها الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أَجَعَلَ الآلهة إلاها وَاحِداً} ؟ [ص: 5] .