{لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدبار ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} [الآية: 111] .
جاء في هذا الآية تنكير لفظ "أذىً" لإِرادة أنه نوع خفيف من أنواع الضّرَر، فالمعنى: لن يضرُّوكم إلاَّ ضرراً هو نوعٌ من أنواع الأذى.
* قول الشاعر:
لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ يُسْتَطَبُّ بهِ ... إلاَّ الْحَمَاقَةَ أَعْيَتْ مَنْ يُدَاوِيهَا
نكّر الشاعر لفظ "داء" ولفظ "دواء" قاصداً: لكلّ نَوْعٍ أو صنف دَاءٍ نَوْعُ أو صنفُ دَواءٍ يلائمه.
* ومنه قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (البقرة/ 2 مصحف/ 87 نزول) يصف الذين بلغوا في الكُفْر مبلغ من لا يتأثر بالإِنذار بأنّ عَلى أبصارهم غِشَاوَةً، أي: غشاوة من نوع خاصٍّ تحجبُ عنهم رؤية آيات الله في كونه.
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ} [الآيات: 6 - 7] .
فجاء تنكير "غِشَاوَةٍ" لإِفادة أنَّها نوعٌ خاصٌّ يحجُبُ فقط رؤية آيات الله، وقد دلّ على هذا أَنَّهْم يَرَوْن بأبصارهم أشياء كثيرة إلاَّ أنهم محجوبون عن إدْراك آيات الله.
* وقول الله عزَّ وجلَّ في سورة (النور/ 24 مصحف/ 102 نزول) :
{والله خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ ... } [الآية: 45] .
جَاءَ في هذه الآية تنكير لفظ "ماء" لإفادة أنّه نوع خاصٌّ من أنواع المياه، وهو الماء الذي تَنْعَقِدُ منْهُ الأجنَّة.
الداعي التاسع: إرادة تحاشي المتكلّم التعريف، لما في التعريف من تصريح يحسُنُ في العبارة طيُّهُ، والاكتفاء بدلالة القرائن عليه، أو الإِشارة إليه.