الغرض الثالث: إظهار بلاهة المقصود بالخطاب، وأنّه لا يفهم إلاَّ بالإِشارة الحسيّة، فلا يكفيه الضمير لمعرفة المراد، كأن تقول لمن تُرِيد وصفه بالبلادة، وهو يتحدَّثُ عن كتابٍ بيده اشتراه وهو مبتهج بشرائه له: أرِني هذا الكتاب الذي اشتريته.
لقد كان مقتضى الظاهر أن تقول له: أَرِنِيهِ، إلاَّ أنّك أردت إشعاره بالبلادة، وأنّه ليس أهلاً لاقتناء الكتب.
الغرض الرابع: إظهار فطانة المتكلّم أو المخاطب، حتّى كأنّ الأمْرَ الفكريّ غير المحسوس هو بالنسبة إليه يشبه الأمور الحسيّة، ومنه قول الشاعر:
تَعَالَلْتِ كَيْ أَشْجَى وَمَا بِكِ عِلَّةٌ ... تُرِيدين قَتْلِي قَدْ ظَفِرْتِ بِذَلِِكِ
أي: ادّعَيْتِ العلّة كَيْ أَحْزَنَ مِنْ أجْلِكِ وَأَنْتِ سَلِيمة، أتُريدينَ قتلي بما تفعلين.
إنْ كنت تريدين قتلي فقد ظفرتِ بذلِكِ، وكان مقتضى الظاهر أن يقول لها: قد ظفرتِ به.
الغرض الخامس: زيادةُ تمكين ما اسْتُخْدِمَ للدلالة عليه الاسم الظاهر بدل الضمير، ومنه قوله الله عزَّ وجلَّ في سورة (الصّمد/ 112 مصحف/ 22 نزول) :
{قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ * الله الصمد} [الآيات: 1 - 2] .
كان مقتضى الظاهر أن يكون التعبير: "هُو الصّمد" لكنّ بلاغة القرآن جاء فيها استعمال الاسم العلم الظاهر بدل الضمير، لتوكيد وتمكين إسناد الصفات في السورة إلى الله عزَّ وجلَّ.
الغرض السادس: الاستعطاف بإعلان الخضوع، بغية استدرار الرحمة والشفقة، ومنه قول العبد الذي يستدر رحمة ربّه: