يُسْتفادُ القصر بعدة طرق:
الطريق الأول: أن يكون بعبارة تدلُّ عليه بمادَّتها اللّغويَّة صراحةً، مثل: "دخولُ مكةَ مقصورٌ على المسلمين - غرفة القصر العليا خاصّةٌ بسيِّد القْصَر - سبق الفارس خالدٌ جميعَ الْمُتَسابقين - دخل الزوج إلى مخدع العروس وحده - سدُّ الصّين أعظم سَدٍّ في الأرْض وأطولُه - أبو حنيفة مُنْفَرِدٌ من بَيْنِ المجتهدين في باب الاعتماد على الرأي الثاقب".
***
الطريق الثاني: أَنْ يكون بدليلٍ خارجٍ عن النصّ، كدليل عقلي، أو دليل حِسِّي، أو دليل تجريبي، أو دليل من القرائن الذّهنيَّةِ أو الحاليّة، مثل:
"فلانٌ رئيسُ الجمهوريّة - اللهُ رَبُّ السّماوات والأرض وهو على كُلّّ شيءٍ قدير - تبثُّ الشَّمْس ضياءها على الأرض فَتُمِدُّها بالحرارة -.
لاَ يَسْلَمُ الشَّرَفُ الرَّفِيعُ مِنَ الأَذَى ... حتَّى يُرَاقَ عَلَى جَوانِبِهِ الدَّمُ
أَرُوِني أُمَّةً بَلَغَتْ مُنَاهَا ... بَغَيْرِ الْعِلْمِ أَوْ حَدِّ الْيَمَانِيّ
لكِنَّ الْقَصْرَ بواحدٍ من هذين الطريقين لا يدخل في اهتمامات علماء البلاغة تفصيلاً وتقسيماً وشرحاً، إلاَّ أنّ القصر المستفاد بواحد منهما - فيما أرى - مشمولٌ بكلّ أحكام القصر وتفصيلاته من جهة المعنى، والسبب في أنَّ البلاغيين لم يوجّهوا لهما اهتماماتهم، أنّهما طريقان يتعذَّر حَصْر عناصرهما أو يَعْسُر.
واهتم البلاغيون بتحديد وشرح وتقسيم وتفصيل الطريقين الآتيين "الثالث والرابع" فهو القصر الاصطلاحي المدوّن عند علماء البلاغة، والذي وجهوا له عنايتهم وفيما يلي شرحهما:
***