نام کتاب : التاج في أخلاق الملوك نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 122
وكانت ملوك الأعاجم، إذا آثرت أن تختار من رعيتها من تجعله رسولاً إلى بعض ملوك الأمم، تمتحنه أولاً، بأن توجهه رسولاً إلى بعض خاصة الملك، ومن في قرار داره في رسائلها.
ثم تقدم عيناً عليه، يحضر رسالته ويكتب كلامه. فإذا رجع الرسول الرسالة، جاء العين بما كتب من ألفاظه وأجوبته. فقابل بها الملك ألفاظ الرسول. فإن اتفقت أو اتفقت معانيها، عرف الملك صحة عقله، وصدق لهجته، ثم جعله الملك رسولاً إلى عدوه، وجعل عليه عيناً يحفظ ألفاظه ويكتبها، ثم يرفعها إلى الملك. فإن اتفق كلام الرسول وكلام عين الملك، وعلم أن رسوله قد صدقه عن عدوه ولم يتزيد عليه للعداوة بينهما، جعله رسوله إلى ملوك الأمم، ووثق به. ثم كان بعد ذلك يقيم خبره مقام الحجة.
وكان أردشير بن بابك يقول: كم من دمٍ قد سفكه الرسول بغير حله! وكم من جيوش قد قتلت، وعساكر قد هزمت، وحرمةٍ قد انتهكت، ومال قد انتهب، وعهدٍ قد نقض بخيانة الرسول وأكاذيبه!
وكان يقول: على الملك، إذا وجه رسولاً إلى ملك آخر، أن يردفه بآخر. وإن وجه رسولين، أتبعهما باثنين، وإن أمكنه أن لا يجمع بين رسولين في طريقٍ ولا ملاقاةٍ ولا يتعارفان فيتواطآ، فعل. ثم عليه، إن أتاه رسوله بكتاب أو رسالة من ملك في خير أو شر، أن لا يحدث في ذلك خيراً أو شراً، حتى يكتب إليه مع رسول ربما حرم بعض ما أمل، فافتعل الكتب، وحرض المرسل على المرسل إليه، فأغراه به، وكذب عليه.
نام کتاب : التاج في أخلاق الملوك نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 122