نام کتاب : التاج في أخلاق الملوك نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 49
أخلاقه أن يمن عليه أولاً بإحسانه، ويذكره بلاءه عنده، وقلة شكره ووفائه، ثم يكون من وراء ذلك عقوبته بقدر ما يستحق ذلك الذنب في غلظه ولينه.
وحدثني محمد بن الجهم، وداود بن أبي دواد قالا: جلس الحسن ابن سهل في مصلى الجماعة لنعيم بن خازم، فأقبل نعيم حافياً حاسراً، وهو يقول: ذنبي أعظم من السماء! ذنبي اعظم من الهواء! ذنبي أعظم من الماء! قالا: فقال له الحسن بن سهل: على رسلك! تقدمت منك طاعة، وكان آخر أمرك إلى توبة. وليس للذنب بينهما مكان. وليس ذنبك في الذنوب بأعظم من عفو أمير المؤمنين في العفو.
العفو عند المقدرة
ومن أخلاق الملك السعيد أن لا يعاقب، وهو غضبان، لأن هذه حال لا يسلم معها من التعدي والتجاوز لحد العقوبة. فإذا سكن غضبه، ورجع إلى طبعه، أمر بعقوبته على الحد الذي سنته الشريعة، ونقلته الملة فإن لم يكن في الشريعة ذكر عقوبة ذنبه، فمن العدل أن يجعل عقوبة ذلك الذنب واسطة بين غليظ الذنوب ولينها، وأن يجعل الحكم عليه فيه، ونفسه طيبة، وذكر القصاص منه على بال. فأما العقوبة فلا تجوز إذا رفع أمرها إلى الملك.
نام کتاب : التاج في أخلاق الملوك نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 49