responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي نویسنده : ابن طرار، أبو الفرج    جلد : 1  صفحه : 635
فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا هَذَا؟ فَأُخْبِرَ بِالَّذِي صَنَعَ الْمَارِدُ، فَقَالَ: تَدْرُونَ مَا أَرَادَ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولُ اصْنَعْ مَا شِئْتَ فَإِنَّمَا تَصِيرُ إِلَى مِثْلِ هَذَا مِنَ الأَرْضِ.

عَهْدُ أَبِي بَكْرٍ إِلَى عُمَرَ
حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ، حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْن أبي سَعْد قَالَ، حدَّثنا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن أبي بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا بَكْرِ بْنَ سَالِمٍ قَالَ: لمَّا حَضَرَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَوْتُ أَوْصَى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا عَهْدُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عِنْدَ آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا خَارِجًا مِنْهَا، وَأَوَّلُ عَهْدِهِ بِالآخِرَةِ دَاخِلا فِيهَا، حَيْثُ يُؤْمِنُ الْكَافِرُ وَيَتَّقِي الْفَاجِرُ وَيُصَدِّقُ الْكَاذِبُ، أَنِّي اسْتَخْلَفْتُ مِنْ بَعْدِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَإِنْ قَصَدَ وَعَدَلَ فَذَلِكَ ظَنِّي بِهِ، وَإِنْ جَارَ وبدَّل فَالْخَيْرَ أَرَدْتُ، وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ فَدَعَاهُ فَقَالَ: يَا عُمَرُ أَبْغَضَكَ مبغضٌ وأحبَّك محبّ، وقدماً يُبْغَضُ الْخَيْرُ ويحبُّ الشَّرُّ، قَالَ: فَلا حَاجَةَ لِي فِيهَا، قَالَ: وَلَكِنْ لَهَا بِكَ حَاجَةٌ، قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحِبْتُهُ وَرَأَيْتُ أَثَرَتَهُ أَنْفُسَنَا عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنُهْدِي لأَهْلِهِ فَضْلَ مَا يَأْتِينَا مِنْهُ، وَرَأَيْتَنِي وَصَحِبْتَنِي فَإِنَّمَا اتَّبَعْتُ أَثَرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي، وَاللَّهِ مَا نِمْتُ فَحَلَمْتُ، وَلا شَبَّهْتُ فتوهَّمت، وَإِنِّي لَعَلَى طَرِيقِي مَا زُغْتُ. تعلَّم يَا عُمَرُ أنّ الله تَعَالَى حَقًّا فِي اللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ فِي النَّهَارِ، وَحَقًّا فِي النَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ فِي اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ، وَحَقَّ لِمِيزَانٍ أَنْ يَثْقُلَ لَا يَكُونُ فِيهِ إِلا الْحَقُّ، وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خفَّت مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ، وَحَقَّ لِمِيزَانٍ أَنْ يَخِفَّ لَا يَكُونُ فِيهِ إِلا الْبَاطِلُ. إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أُحَذِّرُكَ نَفْسُكَ وَأُحَذِّرُكَ النَّاسَ فَإِنَّهُمْ قَدْ طَمَحَتْ أَبْصَارُهُمْ وَانْتَفَجَتْ أَجْوَافُهُمْ، وَإِنَّ لَهُمْ لَحِيزَةً عَنْ زلَّة تَكُونُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَهُ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَزَالُوا خَائِفِينَ لَكَ فَرِقِينَ مِنْكَ مَا خِفْتَ مِنَ اللَّهِ وَفَرِقْتَهُ، وَهَذِهِ وَصِيَّتِي، وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلام.
قَالَ الْقَاضِي: لَقَدْ أَحْسَنَ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةَ وَمَحَضَ النَّصِيحَةَ، وَبَالَغَ فِي الاجْتِهَادِ لِلأُمَّةِ، وَأَنْذَرَ بِمَا هُوَ كائنٌ بَعْدَهُ، فَوُجِدَ عَلَى مَا قَالَ، وَحَذَّرَ مِمَّا يُوتِغُ الدِّينَ وَيَقْدَحُ فِي سِيَاسَةِ أَمِيرِ الْمُسْلِمِينَ، بِأَوْجَزِ قَوْلٍ وَأَفْصَحِهِ، وَأَحْسَنِ بَيَانٍ وأوضحه، وَأوصى لعمر، وَكَانَ وَللَّه كَافِيًا أَمِينًا شَحِيحًا عَلَى دِينِهِ ضَنِينًا، فصدَّق ظنَّه بِهِ وحقَّق تَأْمِيلَهُ وَتَقْدِيرَهُ فِيهِ، فَانْقَادَتِ الأُمُورُ إِلَيْهِ، وَاسْتَقَامَتْ أَحْوَالُ الأُمَّةُ عَلَى يَدَيْهِ، وعدَّلت الشِدَّةُ وَاللِّينُ فِي رَعَايَاهُ، وَعَدَلَ فِي أَحْكَامِهِ وَقَضَايَاهُ، وَاللَّهُ يَشْكُرُ لَهُ حُسْنَ سِيرَتِهِ، ويَجْزِلُ ثَوَابَهُ عَلَى الْعَدْلِ فِي بَرِيَّتِهِ، إِنَّهُ وليُّ الْمُؤْمِنِينَ وَمُفِيضُ إِحْسَانِهِ عَلَى الْمُحْسِنِينَ.

كَيفَ يصف أَبُو بكر نَفسه بالصدّيق
فَإِن قَالَ لنا قَائِل: مَا وَجْهُ وَصْف أبي بكر نَفسه فِي هَذَا الْخَبَر بِأَنَّهُ الصّديق، وَكَيف

نام کتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي نویسنده : ابن طرار، أبو الفرج    جلد : 1  صفحه : 635
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست