responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي نویسنده : ابن طرار، أبو الفرج    جلد : 1  صفحه : 665
فَارْتَحَلَ الْمُسْلِمُونَ مُكِبِّينَ عَلَى رَايَتِهِمْ حَتَّى الْغَيْضَةِ، فَنَزَلَ فِي قُبُلِهَا وَأَصْبَحَ فَأَتَاهُ الْعَدُوُّ، فَلَمْ يَجِدُوا إِلَيْهِ سَبِيلا إِلا مِنْ وجهٍ وَاحِد، وضربوا بطبولٍ أربعةٍ، فَرَكِبَ الأَحْنَفُ وَأَخَذَ الرَّايَةَ وَحَمَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى طبلٍ فَفَتَقَهُ وَقَتَلَ صَاحِبَهُ وَهُوَ يَقُولُ:
إِنَّ عَلَى كلِّ رئيسٍ حَقًّا ... أَنْ يَخْضِبَ الصَّعدة أَوْ تَنْدَقَّا
فَفَتَقَ الطُّبُولَ الأَرْبَعَةَ وَقَتَلَ حَمَلَتَهَا. فَلَمَّا فَقَدِ الأَعَاجِمُ أَصْوَاتَ طُبُولِهِمُ انْهَزَمُوا، فَرَكِبَ الْمُسْلِمُونَ أَكْتَافَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَتْلا لَمْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُ قَطُّ، وَكَانَ الْفَتْحُ. وَالْيَوْمُ الثَّانِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَوْمَ الْجَمَلِ أَتَاهُ الأَشْتَرُ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ بَعْدَمَا اطْمَأَنَّ بِهِ الْمَنْزِلُ وَأَثْخَنَ فِي الْقَتْلِ، فَقَالُوا: أَعْطِنَا، إِنَّ كُنَّا قَاتَلْنَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ حِينَ قَاتَلْنَاهُمْ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ فَقَدْ رَكِبْنَا حُوبًا كَبِيرًا، وَإِنْ كُنَّا قَاتَلْنَاهُمْ كُفَّارًا وَظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ عَنْوَةً فَقَدْ حلَّت لَنَا غَنِيمَةُ أَمْوَالِهِمْ وَسَبْيُ ذَرَارِيهِمْ، وَذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُفَّارِ إِذَا ظُهِرَ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّهُ لَا حَاجَةَ بِكُمْ أَنْ تُهَيِّجُوا حَرْبَ إِخْوَانِكُمْ، وَسَأُرْسِلُ إِلَى رجلٍ مِنْهُمْ فَأَسْتَطْلِعَ رَأْيَهُمْ وَحُجَّتَهُمْ فِيمَا قُلْتُمْ. فَأَرْسَلَ إِلَى الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ فِي رَهْطٍ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا قَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَلَمْ يَنْطِقْ أحدٌ غَيْرُ الأَحْنَفِ فَإِنَّهُ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِمَاذَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ الْجَوَابَ عنَّا لَعِنْدَكَ، وَلا نَتَّبِعُ الحقُّ إِلا بِكَ، وَلا عَلِمْنَا الْعِلْمَ إِلا مِنْكَ. قَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَنْكُمْ مِنْكُمْ لِيَكُونَ أَثْبَتَ لِلْحُجَّةِ وَأَقْطَعَ لِلتُّهْمَةِ، فَقل. فَقَالَ: إِنَّهُم قد أخطأوا وَخَالَفُوا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى وسنَّة نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا كَانَ السَّبْيُ وَالْغَنِيمَةُ عَلَى الْكُفَّارِ الَّذِينَ دَارُهُمْ دَارُ كفرٍ، وَالْكُفْرُ لَهُمْ جامعٌ وَلِذَرَارِيهِمْ، وَلَسْنَا كَذَلِكَ، وَإِنَّهَا دَارُ إيمانٍ يُنَادَى فِيهَا بِالتَّوْحِيدِ وَشَهَادَةِ الحقِّ وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِنَّمَا بَغَتْ طائفةٌ أَسْمَاؤُهُمْ مَعْلُومَةٌ، أَسْمَاءُ أَهْلِ الْبَغْيِ؛ وَالثَّانِي: حُجَّتُنَا أَنَّا لَمْ نَسْتَجْمِعْ عَلَى ذَلِكَ الْبَغْيَ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ أَنْصَارِكَ، مِنْ أَثْبَتِهِمْ بَصِيرَةً فِي حَقِّكَ وَأَعْظَمِهِمْ غِنَاءً عَنْكَ، طائفةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فأيُّ أُولَئِكَ يُجْهَلُ حقُّه وَتُنْسَى قَرَابَتُهُ؟ إِنَّ هَذَا الَّذِي أَتَاكَ بِهِ الأَشْتَرُ وَأَصْحَابُهُ قَوْلَ متعلِّمة أَهْلِ الْكُوفَة، وَايْم وَالله لَئِنْ تَعَرَّضُوا لَهَا ليكرهنَّ عَاقِبَتَهَا وَلا تَكُونَ الآخِرَةُ كَالأُولَى. فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا قُلْتَ إِلا مَا نَعْرِفُ، فَهَلْ مِنْ شيءٍ تخصُّون بِهِ إِخْوَانَكُمْ لِمَا قَاسَوْا مِنَ الْحَرْبِ؟ قَالُوا: نعم، أعطياتنا مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ نَكُنْ لِنَصْرِفَهَا فِي عَدْلِكَ عَنَّا، فَقَدْ طِبْنَا عَنْهَا نَفْسًا فِي هَذَا الْعَامِ فَاقْسِمْهَا فِيهِمْ. فَدَعَاهُمْ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَأَخْبَرَهُمْ بِحُجَجِ الْقَوْمِ وَبِمَا قَالُوا وَبِمَوَافَقَتِهِمْ إِيَّاهُ، ثُمَّ قَسَمَ الْمَالَ بَيْنَهُمْ خَمْسمِائَة لِكُلِّ رَجُلٍ. فَهَذَا الْيَوْمُ الثَّانِي. وَأَمَّا الْيَوْمُ الثَّالِثُ فَإِنَّ زِيَادًا أَرْسَلَ إِلَيْهِ بليلٍ وَهُوَ جالسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ فِي صَحْنِ دَارِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَحْرٍ مَا أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ فِي أَمْرٍ تُنَازِعُنِي فِيهِ مَخْلُوجَةٌ، وَلَكِنِّي أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا عَلَى صَرِيمَةٍ، وَكَرِهْتُ أَنْ يُرَوِّعَكَ أمرٌ يَحْدُثُ لَا تَعْلَمُهُ. قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: هَذِهِ الْحَمْرَاءُ قَدْ كَثُرَتْ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ وَكَثُرَ عَدَدُهُمْ وَخِفْتُ عَدْوَتَهُمْ،

نام کتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي نویسنده : ابن طرار، أبو الفرج    جلد : 1  صفحه : 665
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست