نام کتاب : الرسائل الأدبية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 469
وهزال ونشيط. وقد مزح رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا يقال كان فيه مزاح، وكذلك لا يقال مزّاح. وكذلك الأئمة ومن هزل في بعض الحالات من أهل الحلم والوقار. فما روي عنه صلى الله عليه وسلم قوله: «يا أبا عمير ما فعل النّغير» وقوله: «لا تدخل الجنة عجوز» وقوله: «زوجك الذي في عينيه بياض» وقد كان علي رضي الله عنه يمزح. وقال عمر: إنا إذا خلونا كنا كأحدكم. وقد كان عمر عبوسا قطوبا. وقد كان زياد مع كلوحه وقطوبه يمازح أهله في الخلا كما يجد في الملا. وكان الحجاج مع عتوه وطغيانه وتمرده وشدة سلطانه يمازح أزواجه ويرقص صبيانه. وقال له قائل: أيمازح الأمير أهله؟ فقال: والله إن تروني إلا شيطانا، والله لربما رأيتني وإني أقبل رجل إحداهن! فقد ذكرنا خير العالمين وجلة من خيار المسلمين وجبارا عنيدا وكافرا لعينا.
وبعد، فمن حرم المزاح وهو شعبة من شعب السهولة وفرع من فروع الطلاقة! وقد أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحة ولم يأتنا بالانقباض والقسوة وقد أمرنا بافشاء السلام وبالبشر عند التلاقي وأمرنا بالتوادد والتصافح والتهادي. قالوا: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك تبسما. وقالوا: كان لا يستغرق ضحكا. وقال: «دففوا على صاحبكم» .
وقال: «هذه أيام أكل وشرب وتعلل» وسمع جواري تضرب الكبر عند عائشة فلم ينكره وضحك في قيافة مجزز المدلجي ومن الاعرابي صاحب الدجال.
قد اعتذرنا من معصيتك والخلاف على محبتك مرة بالمزح ومرة بالنسيان ومرة بالاتكال على عفوك وعلى ما هو أولى بك. على اني لم ارد بمزاحك الا ضحك سنك، انظر هل هرمت إلا في طاعتك، وهل أخلقني إلا معاناة خدمتك؟ وفي الجملة إنا لو تعمدنا ثم أصررنا ثم أنكرنا لكان في فضلك ما يتغمدنا، وفي كرمك ما يوجب التغافل عنا. فكيف وإنما سهونا ثم تذكرنا ثم اعتذرنا ثم أطنبنا، فإن تقبل فحظك أصبت ولنفسك نظرت، وإن لم تقبل
نام کتاب : الرسائل الأدبية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 469