نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 342
الإمامة حظّ؟ ولقد عجبت فطال تعجبي وشنّعت فاشتدّ تشنيعي على النجاشي حيث يقول بفخره على معاوية بعليّ:
نعم الفتى أنت، إلّا أنّ بينكما ... كما تفاضل قرن الشّمس والقمر
فمن هذا الذي يقرّ بانه ليس بين عليّ ومعاوية في الفضيلة واستحقاق الإمامة إلّا بقدر ما بين الشمس والقمر؟ بل نجعل لمعاوية في ذلك حظّا ونصيبا، إلّا أن نريد مزيد الفرق بين هاشم وعبد شمس، وبين عبد المطلب وحرب، وأبي طالب وأبي سفيان؛ ونذهب إلى البيان والفصاحة، والفصاحة ممّا قد يتفاضل فيه البرّ والفاجر ويتساوى فيه الجاهليّ والإسلاميّ؛ وإن أردتّ معرفة ذلك فانظر في كتابي الذي فرقت فيه بين قبائل قريش وميزت فيه بني عبد مناف وبيّنت فيه من فضل هاشم وأظهرت فيه جمال عبد المطلب.
أو لست، يا ابن حسّان، قد أطمعته في التمثيل بينهما وأقررت بالحاجة إلى تمييز حاليهما، وقد علمنا أنّ الله- تعالى قدره- قد قال: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ
؛ وقال: أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ
؛ وليس ذلك في موضع الخيار وتمييز الحال من الحال ولا على الموازنة بين أتمّ الخيرين؛ [فلولا] اتقاء الله قلت مقالة تسير مع الركّبان [أفردها] بعليّ؛ وإنّ الرّبيع إبن زياد قال:
عمارة الوّهاب خير من علس ... وزرعة النسا (؟) شر من أنس
وأنا خير منك يا قتب الفرس
وإنما هذا على معنى قول عليّ لأجناده، وكخطبته على أصحابه عند استبطائه إيّاهم وتأنيبه لهم: «أبدلني الله بكم من هو خير لي منكم وأبدلكم بي من هو شرّ لكم منّي» ؛ والكلمة تكون جوابا فتدلّ على معنى، ثمّ تكون ابتداء فتدلّ على خلاف ذلك المعنى، وتدور دلالتها مع ظاهر الحالات على قدر ما يسبق من المثالات حتى تكون الكلمة كفرا في حال وإيمانا في حال.
نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 342