نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 355
الصحابة، وهذا التعظيم لمن له هذه الحرمة، وهذا التقديم لمن له هذه التقدمة؟ ولا بأس، فأين كان أبو أيّوب الأنصاريّ وأبو مسعود البدريّ؟ وأين كان عديّ بن حاتم؟ فإن أقرّت قحطان بانه لم يكن في جماعته رجل واحد كانت له صحبة يفي موازاة عمرو بن العاص، فقد أقرّوا بالخسيسة وسلّموا بالفضيلة.
ولعمري أن لو كان المسؤولون من نزار لذكروا رجالا قد جمعوا مع الصحبة العقل البارع والتجربة الكثيرة والرأي الاصيل والغور البعيد والحزم والعزم والعلم والنكرى والدهاء والرأي [.....] ، ولو كانت الحال قد بلغت بعليّ إلى أن صار لا يمتنع من قهر تلك اليمانية ومن غلبة بعض ذلك الجند، وذلك ظاهر لمعاوية ولجواسيسه السعية، ويزال عنه فرض الجهاد، فمن كان كذلك كان عن حلبة أهل الشام وأجناده المتناصرة بالأيدي المثقفة هو أعجز.
كلّا، ليس الأمر على ما قالوا وذكروا، فما دعا إذا معاوية إلى المحاكمه وكيف رضي بالنصفة؟ كان عليّ بن أبي طالب أشدّ ورعا وأثقب نظرا وألطف في الأمور تدخّلا من أن يوجّه مع عمرو بن العاص حكما وهو عنده عبد منقوص أو عدوّ مرصد، بل لا كرّر أن يقلده مثل ذلك الامر وهو عنده ظنين عليه، وكان الاقلّ من ذلك أن لا يدع الاحتجاج والتبيين والاعتذار الى غيره من رعيّته وأجناده؛ فمن أين اتى- يرحمك الله- أمن كلال وجمد وعيّ لسان، أم من قلّة معرفة وضعف مخبرة؟ أو من جبن قلب وشدّة هيبة؟ أم من خور في العرق؟ أم من فساد في أصل الطينة؟ أم من خبث في المنشإ والعادة؟ أم من قلّة ممارسة للحروب ومقارعة للابطال ومعاودة للقتال، مع قتل الفرسان والقادة والرؤساء والسادة، وهل ربيّ إلا فيها وهل نبت لحمه إلا عليها وهل يعرف شيئا سواها؟
ألا يدور ما يعرف منها على استفاضة علمه واتّساع معرفته؟
ولو لم يكن عليّ امتحن منها بشيء قطّ ولا اختبر بأمر قطّ إلا بما امتحن به يوم نادى منادي معاوية: «أخرجوا الينا قتلة عثمان!» ، لكان في ذلك أعظم
نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 355